للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنهم إذا رأوا شيئًا جيدًا قالوا عبقري (١) كأنه من عمل الجن إذ كانت الأنس لا تقدر على مثله ثم كثر ذلك حتى قالوا سيد عبقري وظلم عبقري قال ذو الرمة:

حتى كأن حزون (٢) القُف ألبسها … من وشى عبقرَ تجليل وتنجيد

وقال زهير:

بخيٍل عليها جِنة عبقرية … جديرون يومًا أن ينالوا أو يستعلوا (٣)


(١) أي كأنه عمل الجن. وهذا يشبه قول أبي العلاء في رثاء أبيه:
وقد كان أرباب الفصاحة كلما … رأوا حسنًا عدوه من صنعة الجن
(٢) في م ك ر حروف القف ورواه الجوهري واللسان كأن رياض القف والحزون جمع حَزْن وهو المكان الغليظ والرياض جمع روضة وهي الأرض ذات الخضرة والموضع يجتمع إليه الماء ويكثر فيه النبت والقف ما ارتفع من متون الأرض وصلبت حجارته والوشى نقش الثوب وهو يكون من كل لون والوشى نوع من الثياب والجل من المتاع القطف وإلا كسية والبسط ونحوه وجلل الشيء عم وجلله البسه وغطاه والنجد ما ينضد به البيت من البسط والوسائد والفرش أو ما ينجد به البيت من المتاع أي يزين نجده زينه. في ذيوانه وفي اللسان فيستعلوا.
(٣) وزهير بن أبي سلمى ربيعة المزني من مضر وهو حكيم الشعراء الجاهليين وأحد أصحاب المعلقات توفي قبل الهجرة وهذا البيت من قصيدة يمدح بها سنان بن أبي حارثة المري وقبله
إذا فزعوا طاروا إلى مستغيثهم … طوال الرماح لإضعاف ولا عزل
بخيل عليها جنة: يريد أنهم يسرعون إلى نصرة المستغيث بخيٍل عليها رجال مثل الجن في الدهاء والمضا فيما أرادوا جديرون خليقون أن ينالوا ما طلبوا وأن يظفروا على أعدائهم ويعلوا عليهم وعبقر كجعفر موضع تزعم العرب أنه من أرض الجن وكلما رأوا شيئًا فائقًا غريبًا مما يصعب عمله أو يدق أو شيئًا عظيمًا في نفسه نسبوه إليه فقالوا عبقري ثم اتسع فيه حتى سمى به السيد والكبير وحتى قالوا ظلم عبقري ومال عبقري وهذا عبقري قوم للرجل القوي وقيل العبقري الفاخر من الحيوان والجواهر-

<<  <  ج: ص:  >  >>