بان انتهاء مدة الصوم، لكن لم يسم الأصوليون ذلك نسخا.
وقولنا:(بطريق شرعي ... بمثله)، أعم ممن عرفه بأنه (بخطاب)، لتناوله ما ثبت بالخطاب، أو ما قام مقامه من إشارة أو إقرار فيهما، أي: في المنسوخ والناسخ،، فإن كل واحد منهما ثبت تارة بالخطاب، وتارة بما قام مقام الخطاب، ورفع ذلك، والرفع به يسمى نسخا، ولو اقتصرنا على قولنا: رفع الحكم بالخطاب، لخرج منه ما ثبت بغير الخطاب، كالإشارة، والفعل، والإقرار، أعني: التقرير الذي هو أحد أقسام السنة، كما سبق فيها ; فلا يكون الحد جامعا (١).
وقولنا:(متراخ عنه) احتراز من زوال الحكم بخطاب متصل، كالشرط والاستثناء، نحو: أنت طالق إن دخلت الدار، فإن قوله «إن دخلت الدار» قد رفع حكم عموم وقوع الطلاق، الذي دل عليه: أنت طالق. وقوله: أنت طالق ثلاثا إلا واحدة، هذا الاستثناء رفع عموم الطلاق الثلاث، حتى رده إلى اثنتين. وقوله تعالى:{فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}[البقرة: ٢٣٠] ; فالغاية المذكورة رفعت عموم التحريم ; فهذا كله وأمثاله ليس بنسخ ; لأنه وإن كان رفعا لحكم بخطاب، لكن ذلك الخطاب غير متراخ ; فهو تخصيص لا نسخ، وهو معنى قولنا: فإنه بيان لا نسخ ; لأن التخصيص بيان.
النسخ جائز عقلاً وواقع شرعاً:
قال الشيخ العثيمين - رحمه الله - في "الأصول"(ص/٥١): (والنسخ جائز عقلاً وواقع شرعاً. أما جوازه عقلاً: فلأن الله بيده الأمر وله الحكم؛ لأنه الرب المالك فله أن يشرع لعباده ما تقتضيه حكمته ورحمته وهل يمنع العقل أن يأمر المالك مملوكه بما أراد؟! ثم إن مقتضى حكمة الله ورحمته بعبادة أن يشرع لهم ما يعلم تعالى أن فيه قيام مصالح دينهم ودنياهم والمصالح تختلف بحسب الأحوال والأزمان فقد يكون الحكم في وقت أو حال أصلح للعباد ويكون غيره في وقت أو حال أخرى أصلح والله عليم حكيم.