للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تعريف الأحكام الوضعية]

الحكم الوضعي هو: (خطاب الله المتعلق بما نصب عَلَمًا معرفًا لحكمه) (١).

وللعلَم المنصوب أصناف منها: العلة، والسبب، والشرط وعكسه المانع، والصحة والفساد، ونحو ذلك مما يدخل في الخطاب الوضعي.

[العلاقة بين الخطاب الوضعي والطلبي]

قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (١/ ٤٣٩): (خطاب الوضع والطلب قد يجتمعان، وقد ينفرد كل واحد منهما عن صاحبه، أما اجتماعهما فكالزنى هو من جهة كونه سببا للحد خطاب وضعي، ومن جهة كونه حراما خطاب طلبي، وكذا نظائره.

وأما انفراد خطاب الوضع، فكزوال الشمس وسائر أوقات الصلوات أسباب لوجوبها، وطلوع الهلال سبب وجوب رمضان، وصلاة العيدين والشك والحيض مانع من الصلاة والصوم، والبلوغ شرط لوجوبها، وحؤول الحول شرط لوجوب الزكاة، فكل هذه متجردة عن خطاب الطلب، ليس هو فيها أنفسها، بل في غيرها، كالوجوب مثلا متعلق بالصلاة لا بالزوال، وبصوم رمضان لا بطلوع الهلال. وأما انفراد خطاب الطلب، فقال القرافي في "الفروق": هو كأداء الواجبات واجتناب المحرمات، وإن كان صاحب الشرع قد جعلها سببا لبراءة الذمة، وترتيب الثواب، ودرء العقاب، غير أن هذه ليست أفعالا للمكلف، ولا نعني بكون الشيء سببا إلا كونه وضع سببا لفعل من قبل المكلف.

وقال في "شرح التنقيح": لا يتصور انفراد خطاب التكليف، إذ لا تكليف إلا وله سبب أو شرط أو مانع. قلت وهذا أشبه بالصواب).


(١) التعريف المشهور عند الحنابلة هو: (ما استفيد من نصب الشارع علَما معرفا لحكمه)، وهذا التعريف يسير على طريقة الفقهاء فقد عرفوا الحكم الوضعي بأنه الأثر المستفاد من خطاب الشرع، والتعريف الذي ذكرناه يسير على طريقة الأصوليين. وانظر: مختصر الطرفي (ص/٣٠)، المختصر (ص/٦٥)، التحبير (٣/ ١٠٤٧)، شرح الكوكب (١/ ٤٣٤)، المدخل (ص/١٥٨).

<<  <   >  >>