المشروع بأصله ووصفه وهو العقد المستجمع لكل شرائطه والباطل هو الممنوع بهما جميعا والفاسد المشروع بأصله الممنوع بوصفه
ومذهب الشافعي وأحمد وأصحابهما أن كل ممنوع بوصفه فإنه ممنوع بأصله).
[بيان مذهب الحنابلة]
قال المرداوي في "التحبير"(٣/ ١١١٠) بعد أن ذكر مذهب الأحناف بالتفريق بين الفاسد والباطل: (وفائدة التفصيل عندهم: أن الفاسد يفيد الملك إذا اتصل به القبض، دون الباطل، والله أعلم. والأصح - دليلا -: أن البطلان يرادف الفساد، وهما يقابلان الصحة، كما هو مذهبنا ومذهب الشافعي ... قوله:{مع تفريقهما في الفقه بينهما في مسائل} كثيرة. قد فرق أصحابنا وأصحاب الشافعي بين الفاسد والباطل في مسائل كثيرة. قال بعض أصحابنا: (قد ذكر أصحابنا مسائل فرقوا فيها بين الفاسد والباطل، ظن بعض المتأخرين أنها مخالفة للقاعدة. والذي يظهر - والله أعلم - أن ذلك ليس بمخالف للقاعدة. وبيانه: أن الأصحاب إنما قالوا: البطلان والفساد مترادفان، في مقابلة قول أبي حنيفة، حيث قال: ما لم يشرع بالكلية هو الباطل، وما شرع أصله وامتنع لاشتماله على وصف محرم هو الفاسد، فعندنا كل ما كان منهيا إما لعينه أو لوصفه ففاسد وباطل، ولم يفرق الأصحاب في صورة من الصور بين الفاسد والباطل في المنهي عنه، وإنما فرقوا بينهما في مسائل لدليل) انتهى (١). قلت: غالب المسائل التي حكموا عليها بالفساد، إذا كانت مختلفا فيها بين العلماء، والتي حكموا عليها بالبطلان إذا كانت مجمعا عليها، أو الخلاف فيها شاذ. ثم وجدت بعض أصحابنا قال:(الفاسد من النكاح: ما يسوغ فيه الاجتهاد، والباطل: ما كان مجمعا على بطلانه. وعبر طائفة من أصحابنا بالباطل عن النكاح الذي يسوغ فيه الاجتهاد أيضا). إذا علم ذلك؛ فقد ذكر أصحابنا مسائل الفاسد غير مسائل الباطل في أبواب منها: باب الكتابة، والنكاح، والحج، وغيرها، وقد ذكر
(١) قال الكلوذاني في التمهيد (١/ ٣٨٠): إنما لم يحكموا بفساده - يعني تلقي الركبان - لأنه ورد فيه دليل يدل على أنه لا يفسد وهو قوله عليه السلام: (فمن تلقى الركبان فهو بالخيار إذا دخل السوق) فدل على أن البيع صحيح. اهـ