للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وماشيته قليلة، فاختارت الشاب، وكانت الخطبة زمن الصيف، ثم طلبت بعد ذلك من الكبير الذي ردت خطبته لبناً فقال لها: (الصَّيفُ ضَيَّعتِ اللَبَن) وهذا الاستعمال لعلاقة المشابهة، بين مجموع الصورتين.

- وان كانت علاقته غير المشابهة، سمي مجازاً مركباً مرسلاً كقوله:

هَوايَ مع الرَّكْبِ اليَمانِينَ مُصْعِدٌ ... جَنِيبٌ وجُثْمانِي بمَكَّةَ مُوثَقُ (١)

فالبيت كلام خبري أريد به إنشاء التحسر والتأسف لان ما أخبر به عن نفسه هو سبب التحسر والتأسف، وهو مجاز مركب مرسل، علاقته السببية ...

٣ - المجاز العقلي (٢): التجوز فيه في خصوص الإسناد لا في لفظ المسند إليه ولا المسند كقول المؤمن: (أنبت الربيعُ البقلَ) فالربيع وإنبات البقل كلاهما مستعمل في حقيقته، والتجوز إنما هو في إسناد الإنبات إلى الربيع وهو لله جل وعلا عند المتكلم وكذلك هو في الواقع.

٤ - مجاز النقص والزيادة: فمداره على وجود زيادة، أو نقص يغيران الإعراب.

مجاز النقص مثلوا له بقوله تعالى: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف: ٨٢] والمراد أهل القرية.

والتحقيق أنه لا مجاز في هذه الآية (٣)، وإنما هي أساليب استعملتها العرب،

ومعان حقيقية جاءت بها اللغة، فقوله تعالى: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) فيه حذف مضاف، وحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، أسلوب من أساليب العربية معروف، لأنه مما يعلم وحذف ما علم جائز كما قرره علماء العربية.

ولتعلم أنه جاء استعمال العرب للقرية تارة للمكان، وتارة للسكان، وقد جاء القرآن


(١) ومعنى البيت هواي راحلٌ ومبعدٌ مع ركبان الإبل القاصدين نحو اليمن، منضمٌ إليهم، مقودٌ معهم، وبدني مأسورٌ مقيدٌ بمكة.
(٢) قال الشنقيطي في "المذكرة" (١/ ٥٨) معقبا على تعريف ابن قدامة للمجاز: وتعريفه للمجاز لا يدخل فيه الا اثنان من أنواع المجاز الأربعة، وهما المجاز المفرد، الثاني المجاز المركب، والنوعان اللذان لم يدخلا في كلامه هما المجاز العقلي ومجاز النقص والزيادة.
(٣) انظر كلام الشيخ العثيمين - رحمه الله - في الرد على من ذهب إلى أن في الآية مجاز في "شرح نظم الورقات" (ص/٧٢).

<<  <   >  >>