للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولينصرنه فكيف بأمته الذين قال فيهم: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ... } (الآية) (١) [الفتح: ٢٩].

فصل

وأما عيسى - صلى الله عليه وسلم - فَرُوح الله , وكلمته ألقاها إلى مريم , أعطاه (الله) (٢) تعالى الآيات البينات , والمعجزات الباهرات , كلّم الناس في المهد وكهلاً , وأنطقه الله تعالى بالعبوديّة والنبوّة طفلاً , وآتاه الإنجيل , وجعله يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله , وجعله مباركاً أينما كان , وله معجزات كثيرة , ومنقبات منيرة , منها قوله تعالى في حقّه: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا [ق ٢٧/و] وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [آل عمران: ٤٥] (فقد أعطي محمد - صلى الله عليه وسلم - من الوَجاهة في الدنيا والآخرة) (٣) حتى قبل أن يبعث - صلى الله عليه وسلم - كما أشرنا إليه ونبّهنا عليه من أن قريشاً كانت تسمّيه الأمين , ولمّا اختلفوا في وَضع الحجر الأسود مكانه عند عمارة الكعبة اجتمعوا على أن يضعه أوّل من يخرج عليهم , فخرج محمد - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: هذا الأمين (٤) , فرَضُوا كلّهم به لِما جمع الله تعالى (فيه) (٥) من الخصال المحمودة , والسيرة المرضية , والنسب الشريف , والحسب المنيف , (والبيت) (٦) , والجاه , والمنصب , والعشيرة , فلم يكن بمكة في زمانه أَوْجَه منه في جميع أموره , فلما بُعث - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة فلا يخفى ما ازداد من الوَجاهة , ولا يخفى ما أعطي من النّباهة , وأمّا في


(١) "الآية" ليس في ب.
(٢) لفظ "الله" ليس في ب.
(٣) ما بين القوسين ليس في ب.
(٤) أخرجه البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (٢/ ٥) من طريق علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - , وقال: "مدار حديث علي بن أبي طالب على خالد بن عرعرة , وهو مجهول". إتحاف الخيرة (٢/ ٦).
(٥) "فيه" ليس في ب.
(٦) "والبيت" ليس في ب.

<<  <   >  >>