للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

وأما ردّ الشمس ليوشع بن نون - عليه السلام - فإنها لم تَرُدَّ بعد غروبها ولكنها وقفت بدعائه , وذلك أنه كان في غزوٍ وأشرف على الفتح وكادت الشمس أن تغيب فخاف إن غابت أن لا يتم له أمر الفتح فدعا الله تعالى فقال: اللهم إني مأمور وإنها مأمورة فاحبسها علي شيئاً حتى يفتح لي فحبسها الله تعالى له (١) ولا ريب في إجابة دعاء الأنبياء والصالحين لا سيما في أمور الدين , والمعجز الكبير الذي أوتيئه محمد - صلى الله عليه وسلم - من هذا الجنس أعظم وهو انشقاق القمر (نصْفَين لما سأله المشركون آية فأراهم القمر) (٢) وقد انشقّ حتى رأوا الجبل بين الشّقتين [ق ٣٩/و] فقال للنّاس (٣): «اشهدوا» (٤) وجاء من كان غائباً فأخبر

أنه رآه منشقاً كذلك , فقال بعضهم: إن كان محمّد قد سَحَرنا فلم يكن سَحَر الناسَ كلهم (٥) , وانشقاق القمر كذلك أعظم من وقوف الشمس على حالها وهيئتها.


(١) أخرجه البخاري (٤/ ٨٦) , كتاب فرض الخمس , باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أحلت لكم الغنائم» , ح ٣١٢٤ , ومسلم (٣/ ١٣٦٦) , كتاب الجهاد والسير , باب تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة , ح ١٧٤٧ , من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - , بلفظ: «غزا نبي من الأنبياء , فقال لقومه: لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة , وهو يريد أن يبني بها؟ , ولما يبن , ولا آخر قد بنى بنياناً , ولما يرفع سقفها , ولا آخر قد اشترى غنمًا -أو خلفات- وهو منتظر ولادها» قال: «فغزا فأدنى للقرية حين صلاة العصر , أو قريباً من ذلك , فقال للشمس: أنت مأمورة وأنا مأمور , اللهم احبسها علي شيئاً , فحبست عليه حتى فتح الله عليه ... » الحديث , واللفظ لمسلم.
(٢) ما بين القوسين ليس في ب.
(٣) في ب "الناس" , وهو خطأ , فالقائل هو الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
(٤) أخرجه البخاري (٤/ ٢٠٦) , كتاب المناقب , باب سؤال المشركين أن يريهم النبي - صلى الله عليه وسلم - آية فأراهم انشقاق القمر , ح ٣٦٣٦ , ومسلم (٤/ ٢١٥٨) , كتاب صفة القيامة والجنة والنار , ح ٢٨٠٠ , من طريق عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - , بلفظ: "انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شقتين , فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اشهدوا» , واللفظ للبخاري.
(٥) أخرجه بنحوه: أحمد في مسنده (٢٧/ ٣١٤) ح ١٦٧٤٩ , والبيهقي في الدلائل (٢/ ١٥١) ح ٥٧٠ , وأخرجه الترمذي (٥/ ٣٩٨) , أبواب تفسير القرآن , باب ومن سورة القمر , ح ٣٢٨٩ , من طريق جبير بن مطعم - رضي الله عنه - , بلفظ: "انشق القمر على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى صار فرقتين: على هذا الجبل , وعلى هذا الجبل , فقالوا: سحرنا محمد , فقال بعضهم: لئن كان سحرنا فما يستطيع أن يسحر الناس كلهم" , قال الألباني: "صحيح الإسناد". صحيح الترمذي (٣/ ١١٢) ح ٢٦٢٢.

<<  <   >  >>