للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل

فيما خصه الله تعالى به في الآخرة

من ذلك ما صح وثبت عنه أنه قال: «أنا سيّد ولد آدم ولا فخر» (١) وأنه قال: «أنا أول شافعٍ وأول مشفع» (٢) , وأنه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة (٣) , وأنه أول من يأتي المحشر , وأنه قال: «آدم ومن دونه تحت


= كذلك حتى زاد الوليد بن عبد الملك في المسجد في إمارته لما زاد الحجر في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكان نائبه على المدينة ابن عمه عمر بن عبد العزيز وكانت حجر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - شرقي المسجد وقبليه فأمره أن يشتريها من ملاكها ورثة أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فاشتراها وأدخلها في المسجد فزاد في قبلي المسجد وشرقيه ومن حينئذ دخلت الحجرة النبوية في المسجد وإلا فهي قبل ذلك كانت خارجة عن المسجد في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد موته ثم إنه بنى حول حجرة عائشة التي فيها القبر جدار عال وبعد ذلك جعلت الكوة لينزل منها من ينزل إذا احتيج إلى ذلك لأجل كنس أو تنظيف , وأما وجود الكوة في حياة عائشة فكذب بين ولو صح ذلك لكان حجة ودليلاً على أن القوم لم يكونوا يقسمون على الله بمخلوق ولا يتوسلون في دعائهم بميت ولا يسألون الله به وإنما فتحوا على القبر لتنزل الرحمة عليه ولم يكن هناك دعاء يقسمون به عليه فأين هذا من هذا والمخلوق إنما ينفع المخلوق بدعائه أو بعمله فإن الله تعالى يحب أن نتوسل إليه بالإيمان والعمل والصلاة والسلام على نبيه - صلى الله عليه وسلم - ومحبته وطاعته وموالاته فهذه الأمور التي يحب الله أن نتوسل بها إليه وإن أريد أن نتوسل إليه بما تحب ذاته وإن لم يكن هناك ما يحب الله أن نتوسل به من الإيمان والعمل الصالح فهذا باطل عقلاً وشرعاً , أما عقلاً: فلأنه ليس في كون الشخص المعين محبوباً له ما يوجب كون حاجتي تقضي بالتوسل بذاته إذا لم يكن مني ولا منه سبب تقضي به حاجتي فإن كان منه دعاء لي أو كان مني إيمان به وطاعة له فلا ريب أن هذه وسيلة وأما نفس ذاته المحبوبة فأي وسيلة لي فيها إذا لم يحصل لي السبب الذي أمرت به فيها ولهذا لو توسل به من كفر به مع محبته له لم ينفعه والمؤمن به ينفعه الإيمان به وهو أعظم الوسائل فتبين أن الوسيلة بين العباد وبين ربهم - عز وجل - الإيمان بالرسل وطاعتهم ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً , وأما الشرع فيقال العبادات كلها مبناها على الإتباع لا على الابتداع فليس لأحد أن يشرع من الدين ما لم يأذن به الله فليس لأحد أن يصلى إلى قبره ويقول هو أحق بالصلاة إليه من الكعبة , وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح أنه قال: «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» ... " وليراجع أيضاً مطلب: منهج جمال الدين السرمري في تقرير توحيد الألوهية , فقرة: التوسل الممنوع.
(١) تقدم تخريجه , انظر: ص ٣٤٧.
(٢) أخرجه مسلم (٤/ ١٧٨٢) , بنحوه في كتاب الفضائل , باب تفضيل نبينا - صلى الله عليه وسلم - على جميع الخلائق , ح ٢٢٧٨.
(٣) أخرجه البخاري (٣/ ١٢١) , كتاب الخصومات , باب ما يذكر في الإشخاص والخصومة بين المسلم واليهود , ح ٢٤١٢.

<<  <   >  >>