للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يرجو لقاء المفقود (١) , وقال: {يَاأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} [يوسف: من الآية ٨٤] , ومحمد صبر واحتسب ولم يتأسّف بل قال: «تدمع العين ويحزن القلب ولانقول إلا ما يُرضي ربّنا» (٢).

(فصل) (٣)

وأمّا يوسف الصّدّيق الكريم - صلى الله عليه وسلم - الموصوف بالحسن والجمال , والعلم والعقل والأفضال , الذي قصّته في القرآن أحسن القصص , وسيرته أجمل السّير , المبتلى بأنواع من البلاء , وصبر فيها أحسن الصبر , وآل به صبره فيها إلى أحسن ما آل صبر على ما كان من إخوته في حقه فآل أمرهم إلى أن سجدوا [ق ٤٧/ظ] له وقالوا: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} [يوسف: من الآية ٩١] , وابتُلي بكيد النّساء فآل أمره بعد سجنه سبع سنين إلى أن قالت غريمته: {(الْآنَ) (٤) حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [يوسف: من الآية ٥١] , وابتُلي بالسجن عند صاحب مصر فآل أمره إلى أن صار تدبير مُلْكه إليه؛ كتب بعضهم إلى صديق له وهو في شدّة:

وراء مضيق الخوف متّسَع الأمن ... وأوّل مفرُوح به آخر الحزن

فلا تَيْأسنْ فالله مَلّكَ يوسفاً ... خزائنَهُ بعد الخلاص من السجن (٥)

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو لبثتُ في السجن ما لبث يوسف ثم دُعِيتُ لأجَبْتُ الدّاعي ولأسرعت» (٦) وذلك أنّ الملِك لما قال: {ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي} [يوسف: من الآية


(١) في ب "المفترد".
(٢) أخرجه مسلم (٤/ ١٨٠٧) , كتاب الفضائل , باب رحمته - صلى الله عليه وسلم - الصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك , ح ٢٣١٥.
(٣) ما بين القوسين بياض في ب.
(٤) "الآن" ليس في ب.
(٥) القائل: هو زيد بن محمد بن زيد العلوي , أبو الحسن , كان أديباً مليح الشعر , وكان أبوه القائم بطبرستان , أسر في الواقعة التي استشهد فيها أبوه , مات سنة ٣١٤. انظر: الوافي بالوفيات (١٥/ ٢٩).
(٦) أخرجه البخاري (٤/ ١٤٧) , في كتاب أحاديث الأنبياء , باب قوله - عز وجل -: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (٥١) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ} [الحِجر: ٥١ - ومن الآية ٥٢] , ح ٣٣٧٢ , ومسلم (٤/ ١٨٣٩) , في كتاب الفضائل , باب من فضائل إبراهيم الخليل - صلى الله عليه وسلم - , ح ١٥٢ , كلاهما من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - , بلفظ: «ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف لأجبت الداعي».

<<  <   >  >>