للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فصل) (١)

فأمّا ما أوتي يعقوب - عليه السلام - فلا شكّ في فضله , ولا مرية (٢) في نبْله , فهو أحدُ الكرماء الذين شهد نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - لهم بالكرم (٣) , فإنّه الكريم ابن الكريم (ابن الكريم) (٤) ,

وله القدم الصدق , والعقب المبارك عليه , فمن نسله الأسباط (٥) , ومن ذريّته الهُداة , ومنهم مريم بنت عمران سيّدة نساء العالمين , وجعل فيهم الحُكم والنبوّة والكتاب؛ قلنا: نعم , وهو حقيق بذلك وبما هو أكبر منه , ولكن لنبينا - صلى الله عليه وسلم - أعظم نصيباً , وأرفع ذكْراً في العالمين , وأجلّ خطراً في الأولين والآخِرين , فإنه أفضل الخلق كما بينّا من شأنه , وقرّرنا من برهانه , ومن ذرّيته ابنتهُ فاطمة عليها السلام سيّدة نساء المسلمين الذين هم خير أمّة أخرجت للناس , والحسنُ والحسين اللذان هما سيّدا شباب (٦) أهل الجنة وهم أغصان شجرته وثمرة جُرثومته (٧) , والمهديّ الذي يكون في آخر الزمان يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً من أهل بيته وعترته , فأما الأصل فإنّ [ق ٤٦/ظ] محمّداً - صلى الله عليه وسلم - من ولد إسماعيل بن إبراهيم , ويعقوب بن إسحاق بن إبراهيم , ولا شكّ في فضل إسماعيل على إسحاق عليهما الصلاة والسلام (٨) , ولا يضرّ محمّداً - صلى الله عليه وسلم - ما بينه وبين


(١) ما بين القوسين بياض في ب.
(٢) في ب "مزية" , وهو خطأ ظاهر.
(٣) أخرج البخاري (٤/ ١٥١) , في كتاب أحاديث الأنبياء , باب قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: ٧] , ح ٣٣٩٠ , من طريق ابن عمر رضي الله عنهما , عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام».
(٤) "ابن الكريم" الثاني ليس في ب.
(٥) قال محمد الطاهر بن عاشور في تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد (٦/ ٣٣) , ١٩٨٤ م , الدار التونسية , تونس: "الأسباط هم أسباط إسحاق: أي أحفاده , وهم أبناء يعقوب , اثنا عشر ابناً ... فأما يوسف فكان رسولاً لقومه بمصر ... وأما بقية الأسباط فكان كل منهم قائماً بدعوة شريعة إبراهيم في بنيه وقومه , والوحي إلى هؤلاء متفاوت".
(٦) في ب "شبّان".
(٧) جُرثومة الشيء -بالضم-: أصله. تاج العروس (٣١/ ٣٩٥).
(٨) أخرج أحمد (٢٨/ ١٩٤) ح ١٦٩٨٧ , والترمذي (٥/ ٥٨٣) , أبواب المناقب , باب في فضل النبي - صلى الله عليه وسلم - , ح ٣٦٠٥ , من طريق واثلة بن الأسقع , أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل , واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة ... » الحديث؛ قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"؛ وقال الألباني في كتابه صحيح الترمذي (٣/ ١٨٩) ح ٢٨٥٥: "صحيح دون الإصطفاء الأول" , والله أعلم.

<<  <   >  >>