للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظهر فضل محمد - صلى الله عليه وسلم - على أولى العزم من الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بما تيسر من ذكر فضائلهم وفضائل محمّد - صلى الله عليه وسلم - (لما) (١) قابلنا بينهما , وأنه لم يؤتَ أحد منهم فضيلة إلا وقد أُعطي محمد - صلى الله عليه وسلم - مثلها وأعظم , و [قد] (٢) خُصّ بما لم ينالوا من جنسه شيئاً كما أشرنا إليه وكما ندلّ فيما بعد إن شاء الله تعالى عليه , ونحن نذكر بمشيئة الله تعالى وعونه وحسن توفيقه مما ورد في فضل غيرهم من الأنبياء (وإن كان الفضل للمتقدم , فإن محاسن الأنبياء) (٣) ومعجزاتهم تتوق الأنفس إلى سماعها ونبيّن فضل ما أوتي محمد صلى الله عليه وسلم وعليهم على نحو ما تقدم من شأن أولي العزم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

فصل

قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: ٥٧ - ٥٨] ولا ريب أنّ منزلة محمد - صلى الله عليه وسلم - من الصّدّيقية والنبوة أعظم [ق ٣٧/و] من منزلة إدريس - عليه السلام - , وأمّا رفعته إلى المكان العلي فغيره من الأنبياء رفع إلى أعلى مكانة (٤) كما سيأتي في ذكر المعراج والإسراء , وأن محمّداً - صلى الله عليه وسلم - علا فوق منزلة إدريس - عليه السلام - وفوق منزلة من هو فوقه , فإنه رفع فوق سبع سموات وفوق سدرة المنتهى ,

وطيفَ به في جنة المأوى , بعد أن دنا من ربّه تعالى فتدلى , فكان قاب قوسين أو أدنى , ورأى من آيات ربّه الكبرى , والحديث في الصحاح والسنن والمساند وغيرها من السّير وكتب العلم مشهور معروف فقد حصل له في الرفع البَدَني مالم يحصل لملَك مقرّب ولا نبيّ مُرسَل , فأما رفع القدر والمنزلة فقد قال تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشَّرح: ٤] روى أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشَّرح: ٤] قال:


(١) "لما" ليس في ب.
(٢) "قد" زيادة من ب.
(٣) مابين القوسين ليس في ب.
(٤) في ب "مكاناً".

<<  <   >  >>