للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما قال الله تعالى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: من الآية ١٠] أرسل الله على الأرض ريحاً شديدة في ليلة عظيمة البرد فجعلت تَكْفَأُ قدورَهم وتَطرَحُ أبنيَتهم فكان يُسمَع في تلك الليلة أصوات كالصواعق فألقى الله تعالى في قلوبهم الوهن والخوف والجزع قال حذيفة - رضي الله عنه -: وما أتت علينا ليلةٌ قط أشدّ ظلمةً (١) ولا أشدّ بَرداً ولا أشدّ (٢) ريحاً منها (٣) , أصوات ريحها أمثال الصّواعق وهي ظلمة , ما يرى أحدنا إصبعَه , واختلفت كلمة المشركين ووقع التخاذل بينهم , فقال أبو سفيان: يا معشر قريش والله ما أصبحتم بدار مقام , والله لقد هلك الكراع والخُفُ واخلفَتْنا بنو قريظة وبَلَغَنا عنهم الذي نَكْرَهُ ولقينا مِن شدّة الريح ما ترون ما تَطمئن لنا قِدْرٌ ولا تقوم لنا نارٌ ولا يستمسك لنا بناء فارتحِلوا إنّي مرتحِل , وكانت هذه الشدّة خاصّة على الكفار , فإن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - لمّا بَعثَه النبي - صلى الله عليه وسلم - لينظر له خبر القوم في الليل قال (٤): فكنت كأنما أمشي في دِيماسٍ -يعني: حماماً- حتى رجَعْتُ (٥).

فصل

وأما صالح - عليه السلام - فقيل إن فضيلته في أن أخرج الله (تعالى) (٦) له ناقةً جعلها له على قومه حجّةً وآيةً , وجعل في لبَنها البركة فكانت تشرب يوماً ماء نهرهم ويشربون يوماً لبَنها كما قال الله تعالى: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: ١٥٥] قلنا:


(١) في ب "من ظلمة" بزيادة " من".
(٢) في ب "شد" بدون الهمزة , وهو خطأ.
(٣) في ب تكرار "منها" , وهو خطأ.
(٤) في ب "فقال" بزيادة الفاء.
(٥) أخرجه بنحوه البيهقي في الدلائل (٤/ ٣١) ح ١٣٣٥ , وأبو نعيم في الدلائل (٢/ ٥٠٠) ح ٤٣٢ , وابن عساكر في تاريخ دمشق (١٢/ ٢٨٢ - ٢٧٣) , والحاكم في مستدركه (٣/ ٣٣) , كتاب المغازي والسرايا , ح ٤٣٢٥ , وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد , ولم يخرجاه".
(٦) "تعالى" ليس في ب.

<<  <   >  >>