للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخواطر عن إدراك ما اشتمل عليه كلامه من الحكم , فكان ما أوتي (عيسى) (١) - عليه السلام - بل وغيره من النبيين عليهم السلام من الحِكَم داخل فيما أوتي نبينا - صلى الله عليه وسلم - من الحكم , وكان أمره بالتبليغ للأمّة بالحكمة والموعظة الحسنة , هذا مع ما أوتي [رسول الله] (٢) - صلى الله عليه وسلم - من الفصاحة , والبلاغة , وجوامع الكلم , وفواتحه , وخواتمه , وما اختُصر له من الحكمة , وما أوتي عيسى من تعليمه التوراة , والإنجيل , وإرساله إلى بني إسرائيل , فإن نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - أوتي القرآن المجيد الذي استوعب مافي الكتب كلّها وزاد عليها كما تقدّم , وأرسل إلى الخلق (٣) كافة , وكان الأنبياء قبله يبعث النبي إلى قومه خاصّةً , وقال الله تعالى لمحمّد - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: من الآية ٢٨].

وأما خَلق عيسى - عليه السلام - للطير بإذن الله ونفخه (٤) فيه فيصير طيراً يطير , فليس ذلك بأعظم من حنين الجذع وهو خشبة يابسة (٥) , وتسليم الأحجار والأشجار عليه وهي من الجمادات (٦) , وقلب الأعيان وصَيُّورُهَا إلى حالة أخرى , كما ذكر أبو نعيم في كتابه (٧) دلائل النبوة: أن عكاشة بن محصن انقطع سيفه يوم بدر فدفع إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جذلاً من حطبٍ وقال: «قاتلْ بهذا» فعاد في يده سيفاً شديد المتن , أبيض الحديدة , طويل القامة , فقاتل به حتى فتح الله على المسلمين [ق ٢٨/ظ] ثم لم يزل يشهد به المشاهد إلى أيّام الردّة (٨). وأمّا ما كان عيسى - عليه السلام - يخلق من الطين كهيئة الطير فإنه كان يطير حتى يغيب عن العيون ويعود إلى ما كان أوّلاً في ساعته , والجذع الذي حَنّ إلى محمّد


(١) "عيسى" ليس في ب.
(٢) "رسول الله" زيادة من ب.
(٣) في ب "الحق" , وهو خطأ.
(٤) في ب "ونفخ" بدون الهاء.
(٥) تقدم تخريجه , انظر: ص ٣٧٢.
(٦) تقدم تخريجه , انظر: ص ٣٧٤.
(٧) في ب "كتاب" بدون الهاء.
(٨) دلائل النبوة (٢/ ١٨٤) , ذكره أبو نعيم بلا سند.

<<  <   >  >>