للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعلّمه جبرئيل ما يتعوّذ منهم ففعل فكفِيَ شرهم وطَفِئت نيرانهم (١) , واعترض عليه شيطان في المحراب وهو يصلي فأمكنه الله تعالى منه فخنقه وأراد أن [ق ٣٤/ظ] يربطه بسارية من سواري المسجد فذكر دعوة سليمان فأطلقه ولولا ذلك لأصبح مُوثَقاّ يلعب به الغلمان (٢) , وهذا باب واسع لا يمكن استيفاء ما ورد فيه لكثرته على أن أعداء نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - كانوا أشدّ شكيمة (٣) وأعظم عداوة , وأكبر حقْداً , وأكثر عَدداً وعُدَداً , أهل جاهليّة


(١) أخرج أحمد في مسنده (٢٤/ ٢٠٠) ح ١٥٤٦٠ , من طريق جعفر الضبعي عن أبي التياح , قال: "قال: قلت لعبد الرحمن بن خنبش التميمي , وكان كبيراً , أدركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم , قال: قلت كيف صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة كادته الشياطين , فقال: إن الشياطين تحدرت تلك الليلة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأودية والشعاب، وفيهم شيطان بيده شعلة نار، يريد أن يحرق بها وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهبط إليه جبريل , فقال: يا محمد قل , قال: «وما أقول؟ » قال: «قل: أعوذ بكلمات الله التامات، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء , ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن». قال: فطفئت نار الشيطان، وهزمهم الله تبارك وتعالى" , وأخرجه بنحوه البيهقي في الدلائل (٨/ ١٥٣) ح ٣٠١٩, وأبو نعيم في الدلائل (١/ ١٩١) ح ١٣٧ , قال الألباني: "إسناده صحيح". انظر: السلسلة الصحيحة (٢/ ٤٩٥) ح ٨٤٠.
(٢) أخرج البخاري (١/ ٩٩) , في كتاب الصلاة , باب الأسير -أو الغريم- يربط في المسجد , ح ٤٦١ , ومسلم (١/ ٣٨٤) , في كتاب المساجد ومواضع الصلاة , باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة والتعوذ منه والعمل القليل في الصلاة , ح ٥٤١ , من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - , قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن عفريتاً من الجن جعل يفتك علي البارحة ليقطع الصلاة , وإن الله أمكنني منه فذعته , فقلد هممت أن أربطه إلى جنب سارية من سواري المسجد , حتى تصبحوا تنظرون إليه أجمعون -أو كلكم- ثم ذكرت قول أخي سليمان: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: من الآية ٣٥] فرده الله خاسئًا» واللفظ لمسلم؛ وأخرج مسلم (١/ ٣٨٥) , في كتاب المساجد ومواضع الصلاة , باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة والتعوذ منه والعمل القليل في الصلاة , ح ٥٤٢ , من طريق أبي الدراداء - رضي الله عنه - , قال: " قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمعناه يقول: «أعوذ بالله منك» ثم قال: «ألعنك بلعنة الله» -ثلاثاً- , وبسط يده كأنه يتناول شيئًا , فلما فرغ من الصلاة , قلنا: يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئاً لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك , قال: «إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي , فقلت: أعوذ بالله منك ثلاث مرات , ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة , فلم يستأخر ثلاث مرات , ثم أردت أخذه والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقاً يلعب به ولدان أهل المدينة»
(٣) يقال: فلان شديد الشكيمة: أي شديد النفس , والشكيمة فى الأصل: حديدة اللجام المعترضة فى الفم التى عليها الفأس وهى التى تمنع الفرس من جماحه فشبه بها أنفة الرجل وتصلّبه في الأمور وما يمنعه من الهوادة وترك الجد والإنكماش فقالوا: فلان شديد الشكيمة لأنه إذا اشتدت تلك الحديدة كانت عن الجماح أمنع. انظر: تاج العروس (٣٢/ ٤٧٠) , الفائق في غريب الحديث (٢/ ١١٤) , لمحمود الزمخشري , تحقيق: علي البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم , الطبعة الثانية , دار المعرفة , لبنان.

<<  <   >  >>