للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل: إن عيسى - عليه السلام - رفع إلى السماء كما قال تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: من الآية ٥٥] , قلنا: قد أعطى محمداً - صلى الله عليه وسلم - ذلك على أكمل الوجوه فإن الله رفع محمداً - صلى الله عليه وسلم - إلى فوق سبع سموات , وإلى سدرة المنتهى , وخرق من الحجب ما شاء الله , ورأى من آيات (١) ربه الكبرى ولم يُتوفه , وسأله عما يختصم فيه الملأ الأعلى فأخبره وعلّمه مالم يعلّمه غيرَه وعاد ببشرى من الله تعالى وقد أعطاه مالم يعط أحداً من النبيين الأولين والآخرين مع أن بعض أصحابه قد رفع إلى السماء فإن جعفر بن أبي طالب لما قاتل يوم مُؤتَة وقُطِعت يداه وقُتل جعل الله له جناحين يطير بهما في الجنة (٢) , وعن عامر بن الطُّفَيل (٣) أنه رأى عامر بن فُهيرة (٤) يوم بئر مَعُونة (٥) حين قتل

رفع إلى السماء حتى إني لأنظر السماء بينه وبين الأرض (٦) , ومما يدخل في هذا الباب


(١) في ب "الآيات" , وهو خطأ.
(٢) أخرج الطبراني في المعجم الكبير (٢/ ١٠٧) ح ١٤٦٨ , (١١/ ٣٩٦) ح ١٢١٤١ , من طريق ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رأيت جعفر بن أبي طالب ملكا يطير في الجنة ذا جناحين يطير بهما حيث يشاء مقصوصة قوادمه بالدماء» , قال الهيمثي في مجمع الزوائد (٩/ ٢٧٣) ح ١٥٤٩٦: "رواه الطبراني بإسنادين وأحدهما حسن , وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٢/ ١٣٤) ح ١٣٦٢: "صحيح لغيره".
(٣) قال ابن حجر: "عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري , الفارس المشهور , ذكره جعفر المستغفري في الصحابة وهو غلط , وموت عامر المذكور على الكفر اشهر عند أهل السير أن يتردد فيه". الإصابة (٥/ ١٧٢).
(٤) هو عامر بن فهيرة مولى أبي بكر الصديق , أبو عمرو , كان مولداً من مولدي الأزد , أسود اللون مملوكاً للطفيل بن عبد الله بن سخبرة , فأسلم وهو مملوك فاشتراه أبو بكر من الطفيل فأعتقه , وأسلم قبل أن يدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دار الأرقم وقبل أن يدعو فيها إلى إلى الإسلام , وكان حسن الإسلام وكان يرعى الغنم في ثور ثم يروح بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر في الغار , وكان رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر في هجرتهما إلى المدينة وشهد بدراً وأحداً ثم قتل يوم بئر معونة سنة أربعة , وهو ابن أربعين سنة قتله عامر بن الطفيل. انظر: الاستيعاب (١/ ٢٤٠).
(٥) بئر مَعُونة -بفتح الميم وضم العين-: في أرض بني سليم فيما بين مكة والمدينة. النهاية (٤/ ٧٥١).
(٦) أخرجه البخاري (٥/ ١٠٦) , كتاب المغازي , باب غزوة الرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة وحديث عضل والقارة وعاصم بن ثابت وخبيب وأصحابه , ح ٤٠٩٣ , من طريق هشام بن عروة عن عروة بن الزبير.

<<  <   >  >>