للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخبر أنّ ما آتى محمّد - صلى الله عليه وسلم - من الفضل كان عظيماً (كما) (١) قال تعالى: {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: من الآية ١١٣] , فكان ما أوتي سليمان عليه (الصلاة و) (٢) السلام فضلاً مبيناً , وما أوتي محمد - صلى الله عليه وسلم - فضلاً عظيماً , والعظيم أبلغ وأكمل وأفضل من المبين , وليس منطق الطير والنملة بأعظم من منطق الذئب والغَزال والضبّ والجمل والحمار وغير ذلك , بل ومنطق الجَماد كحنِين الجِذْع وتسليم الأحجار والأشجار [ق ٤٥/ظ] وتسبيح الحصا والطعام في يده - صلى الله عليه وسلم - وفي أيدي أصحابه كما تقدم , وتكليم (٣) ذراع الشاة المسمومة , وفَهْمُ هذه (الأشياء) (٤) كلامه - صلى الله عليه وسلم - وفهمه كلامها كما أخبر عن الجمل أنه قال: أنّ صاحبه يُدْئِبُهُ ويجيعه, وأن الغزالة لها أولاد

صغار, كما أشرنا إليه ونبّهنا عليه على أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - قد كان يفهم كلام الطير ويعرف مراده كما في الحديث أن بعض أصحابه أخذ فِراخَ حمّرة فجاءت الحمّرة فجعلت تُرَشِش على رؤوسهم فقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَن فجع هذه بِفراخها» ثم أمره بردّها (٥) , فقد روي عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: أتَى النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبر حمارٌ أسودُ فوقف بين يديه فقال: «من أنت؟ » , قال: أنا (٦) عمرو بن فلان ,كنّا سبعةَ إخوة وكلّنا رَكِبَنَا الأنبياء وأنا أصغرهم , وكنت لك فمَلكَنَي رجل من اليهود , فكنت إذا (٧) ذَكَركَ يعني بسوء كبَوت به فيُوجِعُني ضَرْباً , وفي رواية: فكنت أعْثُرُ (به) (٨) عمداً (٩) , فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فأنتَ يَعْفور (١٠)» (١١) , وقد كلّمته ذِراعُ


(١) "كما" ليس في ب.
(٢) "الصلاة و" ليس في ب.
(٣) في ب "وتَكلُّم".
(٤) "الأشياء" ليس في ب.
(٥) تقدم تخريجه , انظر: ص ٤٥١.
(٦) في ب "أبا" , وهو تصحيف.
(٧) في ب "إذ".
(٨) "به" ليس في ب.
(٩) الرواية الثانية أخرجها ابن عساكر في تاريخ دمشق (٤/ ٢٣٢) , بلفظ: "وكنت أتعثر به عمداً".
(١٠) قال ابن الأثير في النهاية (٣/ ٥١٦): "قيل سمي يعفوراً للونه من العُفرة كما قيل في أخضر: يخضور؛ وقيل: سمي بها تشبيهاً في عَدوه باليعفور وهو الظبي".
(١١) أخرجه أبو نعيم بنحوه في الدلائل (٢/ ٣٨٦ - ٣٨٧) ح ٢٨٨ , قال ابن كثير في البداية والنهاية: (٦/ ١٢): "هذا حديث غريب جداً"؛ وقال في موضع آخر (٦/ ٣٢٢): "وهذا الحديث فيه نكارة شديدة".

<<  <   >  >>