للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد روي عن أبي بكر الزقاق (١) أنه قال: جاورت بمكة عشر سنين فكنت أشتهي اللبن , فغلبتني نفسي يوماً فخرجت إلى عُسْفان (٢) , واستضفت حيّاً من أحياء العرب فنظرت بعيني اليمنى إلى جارية حسناء لم أر أحسن منها فأخذت بقلبي فقلت: يا جارية قد أخذ كلّك بكلي فما فيّ لغيرك مطمع , فقالت: تقبَح بك الدعاوى العالية وأنت في أسر شهوة لو كنت صادقاً قد ذهبت عنك شهوة اللبن , قال: فقلعت عيني اليمنى التي نظرت (بها) (٣) إليها , فقالت لي مِثلُكَ من نظر لله , فرَجعت إلى مكّة فطفت أسبوعاً ثم نمت فرأيت في منامي يوسفَ الصّدّيق - عليه السلام - فقلت: يا نبي الله أقرّ الله عينك بسلامتك مِنْ إزليخا (٤) فقال لي: يا مبارك وأنت أقرّ الله (عينك) (٥) بسلامتك من العسفانيّة ثم تلى


= وأخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبي الفياض الخثعمي قال: مر عبد الله بن عبد المطلب بامراة من خثعم يقال لها فاطمة بنت مر وكانت من أجمل الناس وأشبه وأعفه وكانت قد قرأت الكتب وكان شباب قريش يتحدثون إليها فرأت نور النبوة في وجه عبد الله فقال يافتى من أنت فأخبرها قالت هل لك أن تقع علي وأعطيك مائة من الإبل فنظر إليها وقال: أما الحرام فالممات دونه ... والحل لا حل فأستبينه ... فكيف بالأمر الذي تنوينه , ثم مضى إلى امرأته آمنة بنت وهب فكان معها ثم ذكر الخثعمية وجمالها وما عرضت عليه فأقبل إليها فلم ير منها من الإقبال عليه آخرا كما رآه منها أولاً فذهبت مثلاً وقالت أي شيء صنعت بعدي قال وقعت على زوجتي آمنة بنت وهب قالت: إني والله لست بصاحبة ريبة ولكني رأيت نور النبوة في وجهك فأردت أن يكون ذلك في , وأبى الله إلا أن يجعله حيث جعله ... " , وأخرجه أبو نعيم في الدلائل (١/ ١٣٠) ح ٧٢: من طريق عامر بن سعد عن أبيه سعد , بلفظ " أقبل عبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان في بناء له، وعليه أثر الطين والغبار، فمر بامرأة من خثعم، فقال عامر بن سعد، عن أبيه في حديثه: فمر بليلى العدوية، فلما رأته، ورأت ما بين عينيه دعته إلى نفسها، وقالت له: إن وقعت بي فلك مائة من الإبل، فقال لها عبد الله بن عبد المطلب: حتى أغسل عني هذا الطين الذي علي، وأرجع إليك، فدخل عبد الله بن عبد المطلب على آمنة بنت وهب، فوقع بها، فحملت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطيب المبارك، ثم رجع إلى الخثعمية، وقال عامر: إلى ليلى العدوية، فقال: هل لك فيما قلت؟ قالت: لا يا عبد الله، قال: ولم؟ قالت: لأنك مررت بي، وبين عينيك نور، ثم رجعت إلي، وقد انتزعته آمنة بنت وهب منك، فحملت آمنة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".
(١) في ب "الدقاق" بالدال المهملة وهو تصحيف من الزقاق , واسم أبي بكر: هو أحمد بن نصر , أبو بكر الزقاق الكبير , نسبة إلى بيع الزق وعمله , توفي سنة ٢٩١. انظر: طبقات الأولياء ص ٩١ , لابن الملقن , تحقيق: نور الدين شريبه , الطبعة الثانية ١٤١٥ , مكتبة الخانجي , القاهرة.
(٢) عسفان -بضم العين وسكون السين-: بلد من مسافة ثمانين كيلاً من مكة شمالاً على طريق المدينة. المعالم الأثيرة ص ١٩١ - ١٩٢.
(٣) "بها" ليس في ب.
(٤) أكثر المفسرين يذكرون اسم امرأة العزيز: (زليخا) بدون الهمزة , وممن وقفت عليه يذكر اسمها (إزليخا) بالهمزة: ابن الجوزي في زاد المسير في علم التفسير (٤/ ١٩٨) , الطبعة الثالثة ذ ٤٠٤ , المكتب الإسلامي , بيروت؛ ومقاتل بن سليمان في تفسيره (٢/ ١٤٥) , تحقيق: أحمد فريد , الطبعة الأولى ١٤٢٤ , دار الكتب العلمية , بيروت.
(٥) "عينك" ليس في ب.

<<  <   >  >>