للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعنه أيضاً قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (١): «إن الله - عز وجل - أعطى موسى الكلام , وأعطاني الرؤية , وفضلني بالمقام المحمود والحوض المورود» (٢) , وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: "ما خلق الله تعالى خلقاً ولا برأه أحبّ إليه من محمّد - صلى الله عليه وسلم - " (٣)؛ ومن أنعم النظر في معجزات الأنبياء , وتدبّر معجزات نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - , (وجد معجزات نبيّنا - صلى الله عليه وسلم -) (٤) أضعاف ذلك , مع مقابلة كل معجزة بما هو مثلها , أو فوقها , ووجد لنبينا - صلى الله عليه وسلم - غير ذلك مما تفرّد به , ووجد كرامات الأولياء من أمّته أعظم , وأكثر , وأبلغ من كرامات الأولياء من أمم الأنبياء قبله.

فإن قيل: كيف قال محمد - صلى الله عليه وسلم -: «بُعِثتُ إلى الخلق كافة» (٥) ومعلوم أن موسى عليه الصلاة والسلام لما بُعث إلى بني إسرائيل لو جاءه غيرهم (٦) من الأمم يسألونه تبليغ ما جاء به عن الله تعالى لم يجز له كتمه , بل كان يجب عليه إظهار ذلك لهم؟ , ثم قد أهلك الله تعالى في زمن نوح - صلى الله عليه وسلم - الخلق وما كان ذلك إلا لعموم رسالته؟ , فقد أجاب عن هذا أبو الوفاء ابن عقيل (٧) [ق ٥٨/ظ] فقال: إن شريعة نبينا - صلى الله عليه وسلم - جاءت ناسخة لكل

شريعة قبلها , وقد كان يجتمع في العصر الواحد نبيّان وثلاثة يدعو كل واحد إلى شريعة تخصّه , ولا يدعو غيره من الأنبياء إليها ولا ينسخها , بخلاف نبينا - صلى الله عليه وسلم - فإنه دعا الكل


(١) ما بين القوسين ليس في ب.
(٢) أخرجه ابن الجوزي في كتاب الموضوعات (١/ ٢٩٠) , وقال: "هذا حديث موضوع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".
(٣) أخرجه البيهقي بنحوه في الدلائل (٥/ ٤٨٧).
(٤) "وجد معجزات نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - " ليس في ب.
(٥) أخرجه مسلم (١/ ٣٧١) , كتاب المساجد ومواضع الصلاة , ح ٥٢٣ , من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - , بلفظ: «وأرسلت إلى الخلق كافة».
(٦) في ب "غيره" بالافراد , وهو خطأ.
(٧) هو علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي الظفري، أبو الوفاء، يعرف بابن عقيل: عالم العراق وشيخ الحنابلة ببغداد في وقته , كان قوي الحجة، اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته , وكان يعظم الحلاج، فأراد الحنابلة قتله , ثم أظهر التوبة حتى تمكن من الظهور له تصانيف أعظمها " كتاب الفنون" , توفي سنة ٥١٣. انظر: الأعلام (٤/ ٣١٣)؛ قال الذهبي: " رأيت شيخنا وغيره من علماء السنة والأثر يحطون على ابن عقيل لما تورط فيه من تأويل الجهمية، وتحريف النصوص، نسأل الله الستر والسلامة". تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام (٣٥/ ٣٥٣) , لشمس الدين الذهبي , تحقيق: د. عمر عبدالسلام تدمري , الطبعة الأولى ١٤٠٧ , دار الكتاب العربي , بيروت.

<<  <   >  >>