للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأشدّ ابتلاء فإنَّه بُدِّلت تلك الشعائر (١) التي رسمها إبراهيم عليه الصلاة والسلام (بعده) (٢) , وتناسخت الأحوال حتى صار ذلك البيت الذي بناه إبراهيم عليه الصلاة والسلام لإقامة شعائر الدين الحنيف بتبديل الجاهلية مَركزاً للشرك ومحلًّا للأوثان وصار يُعبَد فيه غير الله ويُدعى من سواه ويُقاتل على ذلك , فبعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم -[ق ٩/ظ] فمحا تلك الآثار وكسر تلك الأصنام وأزال المنكرات وأعاد سنَّة إبراهيم عليه الصلاة والسلام التي كانت (٣) قد دثرت , وعبد الله وحده وزال (٤) الإشراك (٥) وزاد على شريعة إبراهيم مما (٦) شرعه الله تعالى له حتى كان عام حجَّة الوداع أنزل عليه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: من الآية ٣] حتى قال بعض اليهود لعمر بن الخطاب: " (يا أمير المؤمنين) (٧) آيةٌ في كتابكم تقرؤنها لو علينا معشر يهود أنزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً , فقال عمر: أيّ آية , قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ... } الآية [المائدة: من الآية ٣] , فقال عمر - رضي الله عنه -: إني لأعلم الموضع الذي نزلت فيه واليوم الذي نزلت فيه يوم جمعة عشية عرفة" (٨)؛ ففرقٌ بين من بنى بيتاً وسنَّ سُنَّة من غير منازع إلى من جاء إلى أمَّة جاهلية جهلاء , قد اجتمعت على بيتٍ جعلته دينها وأقامت فيه الأصنام يعبدونها من دون الله وشرعوا أموراً زيَّنها لهم الشيطان فرأوها حسنة واتخذوها ديناً وقاتلوا على ذلك وتوارثوه خلفاً عن سلف ووجدوا عليه آبائهم فأمرَهم بترك ما قد نشأوا عليه من ذلك الدين ومفارقة ما قد

رسمه لهم أسلافهم


(١) في ب "الشرائع".
(٢) "بعده" ليس في ب.
(٣) في أ "كان" بدون التاء , وهو خطأ.
(٤) في ب "وأزال".
(٥) في نسخة بهامش ب "الشرك".
(٦) كذا في أونسخة بهامش ب. وفي ب "فيما".
(٧) "يا أمير المؤمنين" ليس في ب.
(٨) أخرجه بنحوه البخاري (١/ ١٨) , في كتاب الإيمان , باب زيادة الإيمان ونقصانه , ح ٤٥؛ وأخرجه مسلم , بنحوه في كتاب التفسير , ح ٣٠١٧.

<<  <   >  >>