فالخلاصة أنه: الذي يظهر من عمل الجميع من الفقهاء والمحدثين، أن الاحتجاج.. أن المرسل.. حتى نبه على هذا ابن رجب وقال: إن ما يُنسب إلى مالك، وإلى أبي حنيفة، وإلى الإمام أحمد من الاحتجاج بالمرسل، إنما هو استُدل به أنهم احتجوا بمراسيل، وليس أنهم يحتجون بجميع المراسيل.
وكما ذكرت: ابن عبد البر -رحمه الله- أشار إلى أن المرسل -يعني الاحتجاج بالمرسل- فيه ضعف، وأن كل من احتج بالمرسل خصمه يقول له: هذا مرسل، كل واحد يقول للآخر: هذا مرسل، فالذي يظهر -والله أعلم- أن الاحتجاج بالمرسل إنما هو في أفراد من المراسيل، قد يحتاج إليها الإمام أو المجتهد، أن يعبد بها غيرها، أو أن يتبين له قوة هذا المرسل، إما لاعتضاده -كما ذكر الشافعي-، أو لكون مرسِله لا يرسل إلا عن ثقة ونحو هذا الكلام.
فالمقصود أن الأصل فيه عدم الاحتجاج، أنه من قبيل الضعيف، ولكن الإمام قد يحتج به، بل قد يقويه أو يصححه، ويمكن يعني.. المهم هذا خلاصة الكلام في الاحتجاج بالمراسيل، الاحتجاج بالمراسيل، إذن هو من قبيل الضعيف الذي قد يُحتج به في أماكن لسبب، إما لكونه اعتضد قوة، أو لكونه اعتضد دلالة.
ما الفرق بين اعتضاد القوة واعتضاد الدلالة؟ اعتضاد الاستدلال واعتضاد القوة؟ اعتضاد القوة هو أن ما جاء بالمرسل اعتضد فصح أو قوي أن ننسبه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل أن يأتي مرسل ويأتي معه مرسل آخر، وهو الذي مر بنا في الحديث الحسن لغيره، وهو الذي تكلم عليه الشافعي وأطال في شروط قبول المرسل، ذكر أشياء، وقد تأتي مراسيل ومراسيل ومراسيل، مرسل ومرسل فيدل مجموعها على أن لهذا الحديث أصلا.
أما اعتضاد الدلالة فمعناه أنه مجموعة من الأدلة من أنواع أو من أصول مختلفة، قد يكون ظاهر آية، وقد يكون قول صحابي، ويُضم إليه مصلحة مرسلة، ويُضم إليه مرسل، فهذا هو المقصود بالاعتضاد، باعتضاد الدلالة، هذا الكلام على مسألة الاحتجاج بالمراسيل.