لا بد من معرفة مذهب من في هذه القضية المهمة، وهم المحدثون: ابن رجب وابن حجر وابن الملقن والبقاعي والعلائي وجماعة كثيرون نبهوا إلى أنه كان ينبغي أن يُذكر هنا ويُختار منهج مَن؟ المحدثين، وهو أنهم يقولون: مذهب المحدثين باختصار في هذه القضية أنهم يقولون: الأمر يدور في ترجيح المرسل أو المسند مع أي شيء يدور؟ يدور مع القرائن، ليس هناك قاعدة بأن نقول الراجح دائما المرسل، ولا أن نقول الراجح دائما المسند، ولا أن نقول الراجح دائما مع الأحفظ، أو مع الأكثر.
ليس هناك قاعدة مطردة في ترجيح شيء على شيء في هذا الموضوع المهم، ونلاحظ -لاحظوا معي يا إخوان نقطة مهمة- أنَّا إذا رجحنا قبول المسند، قبول قول المسند دائما، ارجعوا إلى شروط الحديث الصحيح ماذا اشترطنا فيه؟ ماذا اشترطوا في شروط الحديث الصحيح؟ في الشرطين الأخيرين ألا يكون شاذا وألا يكون معللا، إذا قبلت قول المسنِد دائما ألغيت الشرط الأخير الذي هو ماذا؟ الذي هو شرط المعلل.
وقد نص ابن دقيق العيد -رحمه الله- على أن الفقهاء والأصوليين لا يشترطون هذين الشرطين اللذين هما ماذا؟ الشذوذ والعلة، وهذا هو معنى كلام ابن دقيق العيد أنهم يقولون: إذا تعارض وصل وإرسال فالحكم دائما لمن؟ لمن وصل أو لمن أرسل عندهم؟ لمن وصل، هؤلاء هم الفقهاء.
ولكن لا بد هنا من معرفة مذهب المحدثين، الذي هو أنهم يديرون الأمر مع القرائن، فإن ترجح أن المسنِد هو المصيب انتفت العلة، وإن ترجح أن المرسِل هو المصيب صار الحديث لم يتوافر فيه الشرط الأخير الذي هو ماذا؟ ألا يكون معلولا.
يبقى القضية، وهي نقلهم عن البخاري أنه قال: الزيادة من الثقة مقبولة، ننتبه لهذه النقطة، وهي أن البخاري لم يقل هذا مطلقا، وإنما يتكلم على حديث بعينه، الذي هو حديث: ? لا نكاح إلا بولي ?.