كان -رحمه الله- يعني كمن يقول: وقف شعره من كثرة الإرسال، رأى أن الإرسال كثير جدا عند الرواة، كان يقول: لو أتيت إلى محدث، ووفرت عنده بخمسة أحاديث، عند التحقيق يتبين لك أن ثلاثة من هذه الأحاديث لم يسمعها. فشدد -رحمه الله-، -وإن شاء الله تعالى- يعني مأجور هو في ذلك، ويعني له فضل كبير على السنة وعلى حفظها في تشدده، وبعده شدد الأئمة، وكانوا قبله أيضا يبحثون عن السماع، ولكن شعبة -رحمه الله-، حتى أن بعض الرواة وهو سفيان بن عيينة، روى حديثا كله فيه، حدثنا فلان، حدثنا فلان، وفي نهايته قال: هذا من بابة شعبة أو هذا يعجب شعبة، لماذا؟.
لأن فيه صياغة التحديث، وكان-رحمه الله- إذا جاء إلى راوٍ فيه عسر، من هو الراوي الذي فيه عسر؟ يعني هو الراوي الذي لا يقبل المناقشة، ولا يقبل أن يقال له: أعد الحديث، ولا يقبل أن يقال له: هل سمعت الحديث؟ يأنف من ذلك، كان ربما يوسط أحدا؛ لأن الرواة يذكرون لشعبة من كثرة تنقيبه عن السماع، وتنقيبه، فبدل أن يسأل هو ماذا يفعل؟ يوصي غيره أن يسأل.
في ذلك جاء في قصة، أنه أوصى سماك بن حرب أن يسأل عبد الرحمن بن القاسم: هل سمع هذا الحديث من أبيه؟، فلما خرجوا قال له، فسأله فقال: نعم، سمعته، سأله سماك لم يسأله شعبة، خاف شعبة منه يقول: كان فيه عسر أو كذا، فلما خرجوا قال له سماك: استوثقت لك منه يا شعبة، يعني: استوثقت لك، يعني أنه قد سمع منه، وله أخبار طرائف في توقيف، يسمونه التوقيف.
المهم أنه له أخبار كثيرة في توقيف الرواة وسؤالهم عن السماع، وفي بعض الأحيان يستحلف الراوي، في حديث النهي عن بيع الولاء وهبته، استحلف عبد الله بن دينار أنه سمع هذا الحديث من ابن عمر، فحلف له أنه سمعه، فكان بعد يقول: لو أذن لي عبد الله بن دينار لكنت قبلت رأسه.