يعني المهم أنه كان يكره التدليس، ونقل عنه ابن الصلاح هذه الكلمة وهي معروفة، شعبة -رحمه الله- أكثر من قوله: لأن أزني، يعني حتى يقول: لأن أزني، أحب إلي من أن أروي عن أبان بن أبي عياش وعن فلان، ويقول: لأن أخر من السماء، أحب إلي من أن أقول: قال فلان وأنا لم أسمعه منه، فعقب عليه الذهبي -رحمه الله- فقال: هذا والله هو الورع، عقب على كلمة شعبة.
وله أخبار كثيرة في التدليس، هو الذي يقول: كنت أتفقد قتادة، كان عنده أصحابه، وكان يروي لهم يدلس، يصرح بالتحديث ما يصرح بالتحديث، ما يناقشونه في ذلك، يرسل ما يرسل، فلما جاءه شعبة صار يسأله، إذا ساق له إسنادا مرسلا قال له: أين إسنادك؟ فيضجر قتادة، فحدث مرة شعبة فقال له قتادة: من حدثك؟ فقال: تسألني وتأبى علي أن أسألك.
فكان بعد يسند لشعبة -رحمه الله-، وكان شعبة يقول: كنت أتفقد فم قتادة، إذا قال: حدثنا وسمعت، حفظت، وإذا قال: قال فلان، وذكر فلانا لم ألتفت؛ لهذا فهو -رحمه الله- تشدد في التدليس، وله كلمات، وغيره كذلك أيضا مثل قول الشافعي: التدليس أخو الكذب، ومثل قول وكيع: لا يحل تدليس الثياب، فكيف تدليس الحديث؟ لكن مع هذه الحملة على التدليس، إلا أن لم يستطيعوا القضاء على المدلسين، ما استطاعوا.
هناك عند المحدثين شيء يسمونه شهوة الحديث، يعني: الرغبة في روايته والإكثار منه، أحيانا لا يستطيع المحدث أن، المهم هذه الحملة لم تؤت ثمارها، أو آتت ثمارها ولكنها يعني إلى درجة معينة، فبقي التدليس وبقيت أحكامه، فوجد مدلسون، ويعني تتبعهم الأئمة، ومنهم سفيان بن عيينة، وإن كان قليل التدليس يعني نسبيا، ومنهم قتادة ومنهم الأعمش، ومنهم هذا في الثقات، وأما غير الثقات في التدليس كثير أيضا، منهم هشيم.