إذن الشافعي لم يرد رواية المدلس مطلقا، فابن كثير من الاختصار تداخل عليه الكلام، أو داخل بعضه في بعض، ويعني هذا من مساوئ الاختصار، أنه ربما أدى إلى هذا، ربما أدى إلى بعض الخلل، فقوله:"ولو لم يعرف أنه دلس إلا مرة واحدة"، الشافعي نص في الرسالة على أنه يقبل التدليس، يقبل رواية المدلس متى؟ إذا صرح بالاتصال.
فرواية المدلس، لا إشكال في، ليس بجرح عند الشافعي، ولكنه توثق للرواية، فاشترط أن يصرح المدلس بالتدليس، ولو كان قد دلس متى؟ مرة واحدة، يقولون: إن الشافعي -رحمه الله- تشدد في هذا، حيث أن المدلس ولو دلس مرة واحدة، لا بد من تصريحه بالتحديث في جميع رواياته، والذي عليه العمل عند المحدثين، أن الذي يشترط تصريحه بالتحديث هو من؟ الذي عرف بالتدليس، وأكثر منه، واشتهر عنه التدليس، فهذا هو الذي يشترط، فتقولون: هذا قول الشافعي -رحمه الله-.
ابن المديني -رحمه الله- سئل، سئل ابن المديني، سأله يعقوب بن شيبة: المدلس إذا لم يقل: حدثنا وأخبرنا، يقبل قوله؟ قال: إذا كان مكثرا من التدليس، لا يقبل حتى يقول حدثنا، وكذلك جاء عن ابن معين أيضا، ما يمكن أن يلحق بهذا، ويظهر لي -والله أعلم- أن هذا هو المذهب الوسط في مسألة قبول رواية المدلس.
أنه يعني إذا عرف بالتدليس واشتهر به مثل الأعمش ومثل هشيم، على تفاصيل في ذلك ما أطيل بها، ومثل قتادة أنه لا بد من تصريحه بالتحديث، وهذا هو الذي عليه، وهشيم، وهذا هو الذي عليه، يقول: وفي الصحيحين من حديث جماعة من هذا الضرب: كالسفيانين والأعمش وقتادة وهشيم وغيرهم.
هذا يعني هؤلاء معروفون بالتدليس، فأصحاب الصحاح ولا سيما البخاري ومسلم، يخرجون لهؤلاء المدلسين إذا صرحوا بالتحديث، وكذلك يخرجون لهم ما عنعنوا فيه، بقرائن أخرى أيضا ما أطيل فيها، يعني ولو لم يصرحوا بالتحديث، لكن إذا أمن تدليسهم، أو إذا لم يكن لتدليسهم تأثير بأمور أخرى ما أطيل بها.