ذكر ابن كثير -رحمه الله- أن التدليس اعتذار، اعتذار عن المدلسين، أنه نوع من الإرسال لما ثبت عنده، بس قوله: لما ثبت عنده، هذه هي التي يعني يوضع عندها علامة استفهام، أحيانا المدلس يسقط الضعيف، إذن الحديث ثبت عنده أو لم يثبت عنده؟ ولا سيما في قول ابن كثير: وهو يخشى أن يصرح بشيخه فيرد من أجله، إذن هو أسقط ماذا؟ ثقة أو ضعيفا هنا؟ أسقط ضعيفا، فقوله: لما ثبت عنده، هذه فيها إشكال، بل هو يسقط أحيانا ولو للفظة، لكن يدلسون يعني يدلسون لأغراض، وكما ذكرت هو شهوة.
هشيم -رحمه الله- ألحوا عليه كثيرا جدا أن يترك التدليس، ألحوا عليه كثيرا ولكنه لم يتركه، ويتلذذ هو، يعني مثلما تقول: يعمي على التلاميذ، ويعني كأنه بمعنى الاختبار، أو بمعنى يعني المهم أنه له شهوة التدليس، كاتبه ابن المبارك -رحمه الله- قال له: يا هشيم، دعك من هذا التدليس، فماذا أجابه؟ قال: كان كبيراك يدلسان، كبيراك من هما؟
اللذان هما، يقصد الأعمش وسفيان الثوري، فيقول له: أنا أفعل مثلما فعل غيري، يعني هذا كلام هشيم -رحمه الله-، ويعني هو يسقط أيضا بعض الضعفاء، والأعمش يسقط بعض الضعفاء، فقول ابن كثير -رحمه الله-: لما ثبت عنده، هذا فيه يعني إشكال ونظر، نعم. اقرأ القسم الثاني.
تدليس الشيوخ
وأما القسم الثاني من التدليس: وهو الاتيان باسم الشيخ أو كنيته، على خلاف المشهور به؛ تعمية لأمره وتوعيرا للوقوف على حاله، ويختلف ذلك باختلاف المقاصد، فتارة يكره كما إذا كان أصغر سنا منه، أو نازل الرواية ونحو ذلك، وتارة يحرم، كما إذا كان غير ثقة، فدلسه لئلا يعرف حاله، أو أوهم أنه رجل آخر من الثقات على وفق اسمه أو كنيته.