وقال الحاكم النيسابوري: هو الذي ينفرد به الثقة وليس له متابع، قال ابن الصلاح: ويشكل على هذا حديث الأعمال بالنيات، فإنه تفرد به عمر -رضي الله تعالى عنه-، وعنه علقمة، وعنه محمد بن إبراهيم التيمي، وعنه يحيى بن سعيد الأنصاري، ثم تواتر عن يحيى بن سعيد هذا، فيقال: إنه رواه عنه نحو من مائتين، وقيل أزيد من ذلك.
وقد ذكر له ابن مندة متابعات غرائب لا تصح، كما بسطناه في "مسند عمر"، وفي "الأحكام الكبرى"، قال: وكذلك حديث عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: ? أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الولاء، وعن هبته ? وتفرد مالك عن الزهري عن أنس ? أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -دخل مكة وعلى رأسه المغفر ? وكل من هذه الأحاديث الثلاثة في الصحيحين، من هذه الوجوه المذكورة فقط، وقد قال مسلم للزهري: تسعون حرفا لا يرويها غيره.
وهذا الذي قاله مسلم عن الزهري: من تفرده بأشياء لا يرويها غيره، يشاركه في نظيرها جماعة من الرواة، فإن الذي قاله الشافعي أولا هو الصواب: إنه إذا روى الثقة شيئا قد خالفه فيه الناس فهو الشاذ، يعني: المردود، وليس من ذلك أن يروي الثقة ما لم يرو غيره، بل هو مقبول إذا كان عدلا ضابطا حافظا، فإن هذا لو رد لردت أحاديث كثيرة من هذا النمط، وتعطلت كثير من المسائل عن الدلائل -والله أعلم-، وأما إن كان منفرد به غير حافظ، وهو مع ذلك عدل ضابط فحديثه حسن، فإن فقد ذلك فمردود -والله أعلم-.