والحديث الثالث هو حديث مالك عن الزهري عن أنس: ? أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة وعلى رأسه المغفر ? هذا أيضا تفرد به مالك عن الزهري عن أنس، وله متابعات إلى الزهري ولا تصح، له متابعات أوصلها بعضهم إلى ثلاثة عشر طريقا، وهي أيضا لا تصح، فالاعتماد في هذا الحديث على هذا الطريق، وليس فقط هذه الأمثلة الثلاثة.
كما نقل ابن الصلاح عن مسلم أنه قال للزهري: تسعون حرفا، يعني ينفرد بها لا يشاركه فيها غيره، وهذا الأثر أخرجه مسلم في صحيحه، ونعم، كلام مسلم ليس إخراجه، وإنما قاله هو من كلام مسلم -رحمه الله تعالى-، قال مسلم في صحيحه: إن للزهري تسعين حرفا لا يرويها غيره، ثم عقب ابن كثير هذا الكلام كله بالنتيجة.
الحاصل ما هو عنده؟ أن الراجح في تعريف الشاذ ما هو؟ أي التعاريف التي ذكرها إذن؟ وصل إلى نتيجة، وهي أن الراجح في تعريف الشاذ هو تعريف الشافعي، وعلل ذلك بتعليل يعني إنشائي، أو قال: لو لم يقل بهذا لردت أحاديث كثيرة من هذا النمط، وتعطلت كثير من المسائل عن الدلائل، ثم عقب هذا كله.
وختم المسألة بقوله: وأما إن كان المنفرد به غير حافظ، وهو مع ذلك عدل ضابط، مراده أنه ليس من الحفاظ المعروفين، ولكنه من أهل الضبط والعدالة فحديثه حسن، كما تقدم في تعريف الحديث الحسن لذاته من كلام ابن الصلاح، أنه الراوي المشهور بالصدق، وفي حفظه شيء، فإن فقد ذلك فمردود.
إذن متى يرد؟ ومتى يرد بالتفرد حسب كلام ابن كثير -رحمه الله-؟ متى يرد بالتفرد في ختام كلامه؟ فإن فقد ذلك، يعني: فقد الضبط يعني عد ضعيفا فمردود، هذا الكلام الآن كلام ابن الصلاح، وابن كثير بس نعقب عليه بتنبيه، وهو أن الذي فهموه من كلام الخليلي وكلام الحاكم، يعني لو كان مراد الخليلي ومراد الحاكم، أن كل تفرد من ثقة مردود -لكان الاعتراض ماذا يكون؟ صحيحا أو غير صحيح؟.