للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرجو الانتباه لأمر أنا وعدتكم به، يعني من باب التدقيق في علوم الحديث، وألا يتناقض الشخص، يعني أن يكون محكما لأموره، وكما ذكرت أنواع علوم الحديث متعددة، وربما يعني تبنيت شيئا أو اخترت شيئا أو فهمت شيئا في نوع، وفهمت شيئا آخر في نوع آخر قد يعارضه، أو يكون بين فهمك هذا وهذا اختلاف.

مر بنا في تعريف الحديث الصحيح: أنه ما رواه عدل تام ضابط، وأن سنده متصل، والرابع ما هو؟ والخامس: ألا يكون شاذا ولا معلل، إذا أخذنا تعريف الشافعي للشاذ واكتفينا به، وأنه: ما رواه الثقة مخالفا لما رواه غيره، إذن ما هو المعلل؟ انتبه الآن، ما هو المعلل؟ المعلل هو سيأتي معنا أنه: إسناد ظاهره الصحة، اطلع فيه بعد التفتيش على علة قادحة.

لو أخذت الشاذ حسب تعريف الشافعي، يدخل في المعلل على هذا، أو لا يدخل في المعلل؟ يدخل في المعلل؛ لأن الإسناد ظاهره الصحة، اطلع فيه بعد التفتيش وبعد جمع الطرق، أن فيه علة قادحة، لو اكتفينا بتعريف الشافعي للشاذ، لكان الأولى في تعريف الحديث الصحيح، ألا نحتاج إلى كلمة شاذ؛ لأن الشاذ هنا هو نفسه، أو جزء منه يدخل في المعلل هو هو، هو تعريفه، إلا أنه اشترط في الشاذ: ألا يرويه إلا المخالف، كم يكون؟

الذي شذ به واحد، والمعلل أعم من ذلك، قد يرويه ثلاثة أو أربعة، ويكون معللا بأن يرويه أكثر منهم، يرويه أناس أكثر عددا منهم، أو أحفظ أو غيره، كما سيأتي معنا -إن شاء الله تعالى-.

فإذن هذه المسألة الأولى، لو اكتفي بتعريف الشافعي، لعدنا إلى تعريف الحديث الصحيح، وهذا قد نبه عليه جماعة من العلماء؛ ولهذا قالوا: لما اختاروا هذا في تعريف الشاذ، اقترح بعضهم أن يضاف كلمة -سأذكر الآن سبب إضافتها- هذا سبب، ولكن قد يقول قائل: إذا كان تعريف الشافعي هو الراجح، فلنحذف كلمة "شاذ" من تعريف الصحيح.

<<  <   >  >>