للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هنا المسألة الثانية، وهي المهمة، وهي أننا نقول: إننا نجد من عمل الأئمة الأولين -رحمهم الله تعالى- أنهم يتوقفون في أحاديث كثيرة رواها الثقات.

نعم، هم صححوا بلا إشكال أحاديث رواها الثقات وتفردوا بها، ولكنهم أيضا يتوقفون في أحاديث صحيحة رواها الثقات؛ ولهذا أمثلة كثيرة، ويقولون فلان مثلا يقولون: وهذا الراوي ثقة، إلا أن حديثه هذا غلط، أو يقولون: فلان لا بأس به، وحديثه منكر.

أكثر ما يستخدمون في رد هذا، أو في بيان غلط الراوي كلمة "منكر"، أكثر من استخدامهم لكلمة "شاذ"، إذن لا نستطيع حذف كلمة "شاذ" من تعريف الحديث الصحيح؛ لأننا نشترط هذا: ألا يشذ الراوي الثقة، ألا يتبين أنه غلط، كيف يتبين للأئمة أنه غلط؟.

هذا أمر يستدلون به ولو لم يخالف، يستدلون عليه -ولو لم يخالف- بأمور يعني بقرائن لا تنضبط، وإنما كل حديث له يعني له قرائن تبينها، وإن كان ثقة يقولون: هذا حديث منكر؛ ولهذا السبب لما اختاروا الآن، لما اختارت كتب المصطلح هذا التعريف للشاذ، ما الذي صار عند يعني المتكلمين على نقد السنة؟.

الذين يأخذون هذه التعاريف، صاروا يطبقون تعريف الشاذ على أحاديث، الأئمة الأولون استنكروها وردوها، ورواتها ثقات، فيأتي المتأخر يصححها، ويعترض حتى على الأئمة، بسبب ماذا؟.

أن الشاذ اشترط فيه ماذا؟ المخالفة، وأما الرد بالتفرد لا بد أن يكون الراوي ضعيفا، فإن كان ضابطا تام الضبط فحديثه صحيح، ولا يلتفت إلى رد الأئمة الأولين، ويعني هناك أحاديث، يعني أنا وقفت مثلا على كلام لعشرة من الأئمة، لثمانية لسبعة لستة من الأئمة، تكاد كلمتهم إجماع على نكارة هذا الحديث، ثم يأتي مثل هذا العدد أو أكثر منهم، ممن تأخر ويأبون هذا.

<<  <   >  >>