القضية الثانية: التي بحثها ابن كثير أو ابن الصلاح مسألة رواية الحديث الضعيف، وذكر عن الأئمة أن عمل الأئمة على أنه يجوز رواية الحديث الضعيف، عدا الموضوع منه في الترغيب والترهيب والقصص والمواعظ، ونحو ذلك إلا في صفات الله - عز وجل - وفي باب الحلال والحرام، نعم هذا الذي يظهر من عمل الأئمة أنهم تجوزوا في رواية الحديث الضعيف، لكن تجوزوا مع ذكر إسناده.
لا بد أن ننتبه لهذا، وهو أنه مع ذكر الإسناد... وعندهم -يعني- عرف يقولون من أسند لك، فقد أحالك -يعني- أحالك في معرفة حال هذا الحديث على ما ذكره من إسناده، وتجوزوا أصلا؛ لأن هذه الأمور لا ينبني عليها عمل إما صحابي مثلا ثبتت فضيلته، فيروى في فضله حديث فيه ضعف أو ضعيف، وكذلك حكم شرعي يُرَّغَب به، وهو ثابت، هذا الحكم أصله ثابت بأدلة -يعني- قوية، وأضيف إلى ما ذكره أن بعض الأئمة تجوز أيضا حتى في إيراد الضعيف في صفات الله وفي الحلال والحرام أيضا، تجوزوا في هذا أيضا -يعني- لم يلتزم هذا بدقة، فليس معنى كلامهم هذا أنه ليس هناك حديث في الحلال والحرام رووه، إلا وهو صحيح، تجوزوا أحيانا بأن الحديث الضعيف ربما يستدل به في الحلال والحرام إذا عضده كما مر بنا أكثر من مرة إذا لم يكن ضعفه شديدا.
أما بعض الأئمة ربما يستأنس به، وسيأتي من كلام ابن كثير شيء من هذا، ونقل عن ابن مهدي، وأحمد بن حنبل -رحمهم الله- أو نسب هذا إلى أحمد بن حنبل الذي هو التسامح في رواية ما عدا الموضوع في غير الحلال والحرام وفي غير صفات الله، فقد نقل عنهما -رحمهما الله- أنهما كانا يقولون: إذا جاء الحلال والحرام شددنا، وإذا جاء الترغيب والترهيب تسامحنا، ويقولون: