القضية الأولى: أنه إذا اشترطنا في العدالة الإسلام والبلوغ، حسب ما تقدم في صفة من تقبل روايته، ومن تُرد، فيقولون: إن هذا الشرط إنما هو في الأداء، بمعنى أنه يصح أن يتحمل وهو صغير، ويصح أن يتحمل وهو كافر، ثم بعد ذلك يُشترط حين يؤدي أن يكون بالغا مسلما.
فهذا معنى كلامه في الأول:"يصح تحمل الصغار الشهادة والأخبار، وكذلك الكفار".
وهذا مأخوذ من عمل الصحابة -رضوان الله عليهم-، فإن منهم من تحمل وهو صغير، كابن عباس والنعمان بن بشير وسهل بن سعد، تحملوا أشياء وهم صغار، ثم أدوها بعد بلوغهم -رضي الله عنهم.
وكذلك -أيضا- منهم من سمع وهو كافر، كالحديث المشهور، يضربون مثالا لذلك بحديث جبير بن مطعم - رضي الله عنه - أنه ? سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بسورة الطور ? فإنه سمعه وهو أسير بعد أو بُعَيد معركة بدر.
ثم تكلم ابن كثير على قضية ثانية؛ وهي قضية السن الذي يصح فيه تحمل الصغير، فذكر أن عادة الناس أنهم جعلوا السن ذلك، يعني إلى حد خمس سنين، فما قبل الخمس سنين يُكتب للطالب أنه حضر، حضر يعني فقط، ولا يقولون: سمع، وبعد خمس سنين يكتبون أنه سمع، وهذا -كما يقول ابن كثير- استنادا إلى أن محمود بن الربيع - رضي الله عنه - روى: ? أنه عقل مجة مجها النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجهه وهو ابن خمس سنين ? يمازحه - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فعقلها هذا الصبي وهو ابن خمس سنين، فجعلوه حدا في ذلك.
ثم ذكر أن بعضهم..، وفي رواية: ? ابن أربع سنين ?.
ويقول: إن بعض الحفاظ ضبطه بسن التمييز، ومنهم من ضبطه باختبار نفس الطالب، إن فرق بين الدابة والحمار، وهذا هو الأولى، أو الذي يرجحه الأكثرون، أن كل طالب يختلف عن غيره، أو كل حاضر للسماع للرواية يختلف عن غيره، فرب شخص ميز وهو صغير، ورب شخص آخر ميز بعده بسنة، أو سنتين، فالعبرة بتمييز السامع نفسه.