وكان بعض الأئمة -أيضا- يشترطون على الشيخ إذا جاءوا إليه أن يحدثهم من كتابه؛ لأنهم يخشون عليه الغلط، إذا شكوا.. يعني إذا كان في حفظه شيء خافوا من غلطه، وكان مثلا، مثل أحمد وابن معين كانوا يقولون: لم نسمع من عبد الرزاق إلا من كتابه، وقد ترجى عبدُ الرزاق يحيى بن معين أن يسمع منه ولو حديثا واحدا من حفظه، فأبي عليه وقال: لا أسمع منك إلا من كتاب.
إذن هذا يرشد إلى أن الأعلى بالنسبة للمسماع أن يكون يحدث من كتاب.
وهؤلاء العلماء يحسن الجمع..، نحن نجمع مثل هذه الأشياء، نحتاج إليها عند الموازنة بين الرواة -رحمهم الله تعالى-، أحيانا نحتاج إليها، قد تمر بالباحث ولو في مثلا حديث أو حديثين أثناء عمله، عند الموازنة، فيُعرف من يحدث من كتاب، من التزام بذلك، ومن يحدث من حفظه.
وقد ضبط العلماء هذا وميزوا، يقولون: فلان إذا حدث من حفظه أخطأ، وإذا حدث من كتابه أصاب، ويقولون: كتابه أصح، وهذا كثير جدا، هذا كثر، أن يكون الشيخ أضبط منه في كتابه منه من حفظه.
المهم أن قضية التفريق بين الحفظ والكتاب والموازنة، وأثره في الرواية باب واوسع، ولعل شخصا يتصدى لتناول هذه المسألة..هي مبثوثة -موجودة -بحمد الله تعالى- في كتب أهل العلم، وفي كتب الجرح والتعديل، ولكن إبرازها بإبراز جهود المحدثين.. أيضا كذلك للحاجة إليها عند التطبيق أحيانا.
وهناك تقسيمات للتحديث لهذا النوع من السماع، هناك التحديث عن طريق الإملاء؛ بأن يكون الشيخ قد جلس وتصدى للإملاء، يملي عليهم كلمة كلمة، إما بنفسه أو بواسطة مملي -كما سيأتي- فهذا هو أعلى درجات السماع، يكون الجميع قد تهيأ لمجلس التحديث، ويملي عليهم كلمة كلمة، من يكتب يمكنه الكتابة، ومن يحفظ يمكنه الحفظ.