فعلمنا أن الأوزاعي ... أن ما يحدثه الأوزاعي إنما يحدثه من حفظه وكتابه قد ضاع فسجل له الأئمة بعض الأغلاط، منهم الإمام أحمد سجّل له بعض الأغلاط في روايته عن الأوزاعي، لكن الأوزاعي أبى أن يحدث من كتاب غيره خشية أن يكون فيه أغلاط أكثر من الأغلاط التي لو حدّث من حفظه هو، هو حافظ -رحمه الله- ومن كبار أصحاب يحيى بن أبي كبير، يعتبر في الطبقة الأولى من أصحاب يحيى، ولكن مع هذا قد سجلوا له بعض الغلط على يحيى بن أبي كبير.
كما ذكرت لكم: العلماء بالنسبة للرواة تتبعوهم حرفًا حرفا، وكل هذه الأمور متى تنكشف للناقد؟ تنكشف بمقابلة حديثة -حديث هذا الراوي- بحديث غيره.
فهذه أمور مِن العلماء مَن يترخَّص فيها، ومنهم من يشدد فيها. وبكل حال إن كان هناك غلط سواء حدّث من كتاب غيره أو من حفظِه سينكشف بالمقابلة، والتفرد بالنظر في أحاديث الرواة الآخرين.
يقول: "تساهل آخرون في الرواية من نسخ لم تقابَل بمجرد قول الطالب: هذا من روايتك، من غير تثبت ولا نظر في النسخة، ولا تفقد طبقة سماعه.
هؤلاء هم الذين يقبلون التلقين، ويروون من نسخ ليس لهم فيها سماع، أو ربما يلقنون من حفظهم.
هؤلاء جماعة من الرواة تسقط رواية روايتهم عند العلماء، إذا قبل الراوي التلقين سقطت روايته كما يذكرون عبد بن لهيعة في آخر عمره أنه كان كل من يأتيه ... كل ما دفع إليه قرأه، كل ما قيل له: هذا من حديثك أقرّ به، فهذا هو قبول التلقين وتسقط به الرواية، ولا سيما إذا كثر منه ذلك.
أما أن يلقّن الحديث الواحد مثلا في عمره ويفوت عليه، فهذا يعده العلماء غلطا، لكن لا تسقط به الرواية.
ذكر الخطيب البغدادي السماع على الضرير أو البصير الأمي إذا كان مثبتا بخط غيره عمل الأئمة عليه، ولا سيما بعد عصر الرواية كما سيأتي من تصرف ابن كثير -رحمه الله تعالى-.