يقول:"وتساهل آخرون في الرواية من نُسخ لم تقابل" قبل هذا قوله: "واكتفى آخرون وهم الجمهور بثبوت سماع الراوي لذلك الذي يُسْمَع عليه وإن كان بخط غيره وإن غابت عنه النسخة إن كان الغالب على الظن سلامتها من التبديل والتغير".
الأوزاعي -رحمه الله تعالى- هذا بلا شك قول الجمهور: أنه يكفي أن يروي، يعني: ولو من نسخةِ غيره. هذه فيها كلام للعلماء -رحمه الله تعالى- إذا كان له سماع وأمِن من سلامتها من التغيير والتبديل.
وبعض العلماء يشدد في ذلك، الأوزاعي -رحمه الله- فقد كتابه من يحيى بن أبي كبير فقال له بعض تلامذته: النسخة موجودة عند فلان أو كذا، فأبى -رحمه الله تعالى- وقال: نحدث بما حفظنا من هذا الكتاب، يعني: كتابه الذي ضاع.
وهذا كله داخل في موضوع التلقين، التلقين خلاصته: أن الراوي لا يحدث إلا بما سمعه ... إلا بما عنده هو حفظًا أو كتابة، فإذا حدث من غير حفظه أو من غير كتابه لقَّنه أحد وقرأ من كتاب أحد.
فهذا نوع من التلقين كما قال الإمام أحمد في شيخه محمد بن عبد الله الأنصاري: كان في آخر عمره يحدث من كتاب، انظر الدقة -رحمهم الله تعالى- يقول: كان يحدث من كتاب غلامه فيخطئ، كان في الآخر يحدث من كتاب غلامه، له كتاب ولغلامه كتاب.
يقول: كان يحدث من كتاب غلامه فيخطئ وذكر له حديثا، وقال: هذا من ذلك الكتاب ومن تحديثه من كتاب غلامه.
هذه أمور تمر بطالب العلم فيها دقة، وقد يحتاجها في تعليل بعض الأحاديث مثل الأوزاعي -رحمه الله تعالى- أبى أن يحدِّث من كتاب غيره وأبى أن يحدِّث إلا من حفظه والكتاب قد ضاع.