وهذه الأمور والمباحث تمر بطالب العلم في بعض الروايات وفي بعض الأسانيد يستفيد منها في الترجيح، يستفيد منها كثرا في الموازنة بين الأسانيد، مثلا إذا كان شعبة له رواية -مثلا- برفع حديث، ثم جاءنا رواية أنه يخبرنا أن هذا الذي في حفظه، وأن الذي في كتابه فهو موقوف، فإذا جاءتنا رواية ثالثة عن سفيان الثوري موقوفة رجحنا رواية سفيان؛ لأن شعبة الآن قد اختلف حفظه وكتابه.
فهذه مسائل تتعلق بالتعليل وبالموازنة بين الرواة قد تمر بالباحث، وقد يحتاج إليها فينبه عليها العلماء -رحمهم الله تعالى-.
الفرع الذي بعده: يقول ابن كثير -رحمه الله-: "لو وجد اسمه في السماع ... في الطباق"، يسمونه الطباق الذي هو إثبات السماع، في آخر الكتاب يقولون: سمع فلان وفلان وفلان وفلان، كما تجده -يعني- من يعتمد المخطوطات يجد هذا.
يقول ابن كثير -رحمه الله-: لو وجد بخطه أو بخط من يثق به أنه سمع هذا الكتاب أو هذا الجزء، لكنه لا يتذكر، نسي متى سمع، وفي أي مكان سمع، لا يتذكر، هل يصح؟
رجح ابن كثير -رحمه الله- ذكر قولين، ورجح الصحة، وقال: كما أنه في حفظه -يعني- يحفظ هو أحاديث، ولكن لا يتذكر أين سمع هذا الحديث، فيقول: هذا لا يضر، وله أن يحدث بهذه النسخة.
هذه أمور يحتاجون إليها في زمن الرواية وما بعدها، أكثره هذا الأخير بعد زمن الرواية.
رواية الحديث بالمعنى
فرع آخر: وأما رواية الحديث بالمعنى فإن كان الراوي غير عالم ولا عارف بما يحيل المعنى، فلا خلاف أنه لا تجوز له روايته الحديث بهذه الصفة، وأما إن كان عالما بذلك بصيرا بالألفاظ ومدلولاتها وبالمترادف من الألفاظ ونحو ذلك، فقد جوز ذلك جمهور الناس سلفا وخلفا، وعليه العمل كما هو المشاهد في الأحاديث الصحاح وغيرها.