وقول الجمهور نقل عن بعض الأئمة -رحمة الله عليهم- مثل سعيد بن المسيب بعض الشروط، ثم عقَّبَها بأن هذه الشروط المراد بها الصحبة الخاصة، وهذا لا ينافي إثبات الصحبة العامة لكل من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمنا به.
ثم ساحَ قلمُ ابن كثير -رحمه الله- وجَرَى ببيان فضل الصحابة -رضوان الله عليهم-، وبيان منزلتهم، وفضلهم على الإسلام والمسلمين، وما قاموا به من جهود في نشر الإسلام، وفي تبليغه إلينا، ثم عَرَّج على ذكر بعض الطوائف الضالة، ومحل هذا الكلام أين يذكره بعض العلماء كثيرا مثل هذا الكلام؟ أخذتموه في كتب العقائد؛ لأنه -في الحقيقة- مفترق طريق، محبة صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو بغضهم.
إما أن يوفق الشخص المسلم للسعادة، ويُوَفَّق إلى الخير، ويحب صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويَترَضَّى عنهم، ويعتقد فيهم أن ما وقع منهم خطأ وهم مجتهدون فيه، أو وقع منه غير قصد، كما ذكر ابن كثير في قصة وقعة الجمل، فإن التحقيق في هذه الوقعة أن المعركة جرت دون قصد من كبار القواد -رضي الله عنهم-، وإما وقع قصدا، ولكن باجتهاد منهم.
وأشار ابن الصلاح إلى أن عبد البر ساق أخبارا لا تصح فيما شَجَرَ بين الصحابة -رضوان الله عنهم-؛ لأن بعض رواة تلك الفترة إنما هم من الشيعة المحترفين، مثل لوط بن يحيى، الذين كذبهم الأئمة، ومثل سيف بن عمر وغيرهما، وقد نَبَّه العلماء على ما في أخبارهما من..، وقامت دراسات -بحمد الله تعالى- لتبرئة الصحابة، وهذا هو الواجب على المسلم.
وأما -كما ذكر ابن كثير- ما نقله عن الرافضة وغيرهم فهذا -كما ذكر- عاره وشناره ووزره وأثره -بحمد الله- لن ينال صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما هو على معتقده، فهو الضارّ لنفسه، يعني: مثلا لو كنت أمام جبل، لو رأيت شخصا ينطح جبلا، لا تأبه له، لماذا؟ لأن مضّرته إنما هي على..