وذكر ابن كثير -رحمه الله-: أنه جمع بين كتابي شيخيه المذي "تهذيب الكمال"، والذهبي في "ميزان الاعتدال". جمع بينهما في كتاب له سماه:"التكميل في معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل".
ثم تكلم ابن كثير على قضايا تتعلق بالجرح والتعديل، منها أنه ليس بغيبة، وهذا مر بنا مر، أعاد الكلام فيه ابن كثير مرة أخرى، ومن المسائل التي تتحدث عنها: من أول من تكلم في هذا العلم؟ هو يقول:"ويُقال: إن أول من تصدى..."، وقوله:"يتصدى" هذه، تختلف عن قوله:"أول من تكلم". لأن أول من تصدى يقولون: شُعبة. ومعنى تصدى، يعني: قصد وتميز وفرغ نفسه لهذا الشيء، وتخصص به، مثلما نقول.
شعبة ومعه مالك، وبعده بقليل مالك، هما اللذان أكثرا من الخلاف بالرواة، وتابعهم الناس بعد ذلك وأصبح هذا الفن ... أو أصبح الجرح والتعديل فنا مستقلًا بذاته، وإلا فالكلام كما ذكر ابن كثير قد سبقهما.
من الصحابة من تكلم في بعض التابعين، ومن التابعين من تكلم في يعني ابن سيرين، وجماعة تكلموا في الرواة، لكنه كان على النذر اليسير، ثم ما زال يتوسع قليلًا قليلًا حتى وصل إلى شعبة، فأوسع القول فيه، وتبعه تلامذته: يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع، وجماعة ممن تكلموا في الرواة، ثم انتشر بعد ذلك وأُلِفت فيه المؤلفات.
أشار ابن كثير -رحمه الله-، إلى أن بعض الكلام في الجرح والتعديل، أحيانا يكون على وجه -يعني- الخصومة، وهذا ليس بالكثير بحمد الله تعالى، ليس بالكثير، هو قد يقع، وهذا يدلك على ... مثلما نقول: وقع عليه الصحابة رضوان الله عليهم. أنه يدلك على أنهم بشر، يعني مثلًا الآن يقول بعض الباحثين: إن الإسلام مثلًا لا يمكن تطبيقه، إن الذين طبقوه أُناس مثاليون.
هذا يدندن به؛ لأنهم ما تركوا وسيلة لحجب الإسلام عن التطبيق العملي، أو عن الناس إلا سلكوه، منهم من يسلك هذا، ومنهم من يسلك هذا، منهم من يقول أختبئ... يعني المهم.