للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا الكلام قاله غير متخصص، يعني: أطلقها كلمة واستعجل فيها، ونقده العلماء، لكن الشاهد ما هو هنا؟ انظروا إلى أثر علم مصطلح الحديث، أو أثر علوم الحديث على الحافظ ابن كثير، وعلى -يعني- المسلمين عامة في شخصية ابن كثير، ما الذي أريده هنا؟

نحن نعرف أن كتب التفسير ابتداء من الكتب الجوامع، مثل جامع البيان، ومثل تفسير ابن أبي حاتم، وهذه التفاسير التي جمعت كل شيء، كل ما قيل في التفسير بالمأثور، ثم تلتها كتب مثل: الثعالبي أو الثعلبي، وكتاب البغوي، والبيضاوي، كتب الزمخشري، وكتب في التفسير كثيرة جدا.

من الأشياء التي اشتهرت بها هذه الكتب في العصور المتأخرة -بكل أسف- أنها محشوة بأي شيء؟ بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، ومحشوة -أيضا- داخلها موضوع خطير، وهو متعلق بأي شيء؟ بالإسرائيليات. ما هو الجديد في هذا الأمر؟

انظروا في نهاية القرن، أو في منتصف القرن الثامن يقوم إمام، ويقوم بجهد كبير جدا في سبيل تنقية علم التفسير من هذه الأمور التي دخلت عليه، من هو هذا الإمام؟

هو ابن كثير -رحمه الله تعالى-، هو ابن كثير، ونحن نعرف أن من أهم مميزات تفسيره نقده للمرويات، ولهذا:

أولا: قام بحذف شيء كثير جدا من التفسير مما أُودع قبله من قبل ابن جرير وغيره.

وثانيا: يورد بعض الأحاديث، وبعض المرويات، ثم يقوم بنقد هذه المرويات. نعم، بقي في تفسيره أشياء تحتاج إلى نقد، ولكنه -رحمه الله تعالى- قدم هذا الجهد، ما الذي جعله يقوم بهذا؟ ما الذي جعله يتولى هذا الأمر، أو يحس بهذا الأمر، أو يؤهل للقيام بهذا الأمر؟

إنما هو اشتغاله بعلوم الحديث، وأنت الآن خذ أي مؤلف -مثلا- تدرك لأول وهلة من قراءتك لكتابه إن كان مهتما بالتصحيح والتضعيف، أو كان غير مهتم بذلك، فهو يجمع ويستدل بأحاديث ربما تكون موضوعة.

<<  <   >  >>