للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالقول بأن الناس أو بأن الاشتغال بعلوم الحديث انتهى دوره، هذا كلام خطير لا ينبغي أن يُلْتَفَت له؛ فالناس في كل زمان بحاجة إلى رجال، وإلى علماء في كل فن، حتى لو كان انتهى هذا العلم، أو طبقت قواعده؛ لأن المستفتي أو السائل لو قال لك: ما حكم، أو هذا الحديث المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما درجته؟

هل يمكن أن تقول له: ترى ابن معين تكلم فيه، اذهب وانظر ماذا قال؟ لا يمكن هذا، ولا يعرف هو ابن معين، ولا يعرف الكتب.

إذن، الناس بحاجة إلى من يوجههم في كل فن، ومن هذه الفنون التي هم بحاجة إليها -ولاسيما في الوقت الحاضر- هو علم نقد السنة، أو علوم الحديث، ما نعرفه باسم علوم الحديث، ولا سيما في هذا الوقت الذي انتشرت فيه الكتب، وطبعت فيه، وسَهُل الوصول إلى الحديث في أماكنه، واطلعنا على شيء كثير من كلام العلماء، فهو بحاجة إلى مقارنة.

العلماء يختلفون، والعلماء لهم مصطلحات، قد يقول الإمام: هذا حديث صحيح. ولا يريد به الصحة المطلقة، قد يقول: هذا حديث ضعيف. يريد من حديث هذا الصحابي، وقد يقول شيئا، ولا يريد به، يعني: كلامه مقيد.

من الذي يستطيع أن يميز هذا من هذا؟ إنما هو المشتغل بنقد السنة.

وقَلَّ، أو لا يخلو علم من علوم الشرع، أو من العلوم المتعلقة بالشرع -حتى العلوم اللغوية والنحوية- من الحاجة إلى علم مصطلح الحديث؛ اللغة، النحو، التفسير، الفقه، أصول الفقه. كل هذه العلوم محتاجة، أو يحتاج صاحبها إلى علوم الحديث.

<<  <   >  >>