(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا) وجعله قيماً لإقامة أود ذوي الألباب، فلا ترى فيه عوجاً، لا يحوم حول معانيه سوى الاستقامة، لأنها من الكلمات التامات، ولا ينزل بساحته الاعوجاج، إذ هو من المعجزات الباهرات، آياته صادعة وبيناته ساطعة، وزواجره وازعة، وزواخره فارعة، فكما لا يقف على إدراك بلاغته إلا الذوق، لا يسع كنه معرفة معانيه نطاق الطوق، أصفى مشارع موارده عن لوث الحدوث، ووصمه الانصرام، كما حمى شوارع مصادره أن تنعت بما ينمى إلى الانعدام، فما هو إلا من صفات مخترع الكائنات، ونعوت مبدع الأرض والسماوات، منشئ الأحياء ومنشر الأموات.
أحمده على سوابغ نعمه حمداً يبلغ رضاه، وأسأله الصلاة والسلام على خير خلقه، محمد نبيه ومصطفاه، الخاتم لما سبق، والفاتح لما انغلق، دافع جيشات الأباطيل، قامع صولات الأضاليل، وعلى آله وأصحابه الكرام البهاليل.