قوله: (روي أن عبد الرحمن بن عوف)، روينا عن الترمذي وأبي داود، عن عليٌّ رضي الله عنه، قال: صنع لنا ابن عوفٍ طعاماً فأكلنا، وسقانا خمراً قبل أن تحرم فأخذت منا، وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت: قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون، ونحن نعبد ما تعبدون، قال: فخلطت، فنزلت:(لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأَنتُمْ سُكَارَى).
اعلم أنه تعالى بعد ما أتم بيان أحكام ذوي الأرحام، وأطنب فيه وفيما يتعلق بها؛ أخذ في بيان شرع آخر من الأحكام التي تتعلق بالعبادة، وهي: إما أن تتعلق بالقلوب، أو بالجوارح، والأول: إما أن يختص بالله عز وجل، أو بالخلق؛ فالذي يختص بالله هو المراد بقوله:(واعْبُدُوا اللَّهَ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا)[النساء: ٣٦] والذي يتعلق بالخلق هو المراد بقوله: (وبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا وبِذِي القُرْبَى والْيَتَامَى والْمَسَاكِينِ والْجَارِ)[النساء: ٣٦]، ثم حث على التواضع والجود بذم الكبر والبخل بقوله:(إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا)[النساء: ٣٦]، (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ)[النساء: ٣٧]، وذم الإنفاق الذي لا يكون لوجه الله، وقرنه بالكفر حيث قال:(والَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ ولا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِالْيَوْمِ الآخِرِ)[النساء: ٣٨]، وبالغ في قلع الرياء وقمع الشرك الخفي حيث ترقى إلى نفي الشرك الجلي بقوله:(ومَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ)[النساء: ٣٩]، ثم حرض على الإخلاص في الإنفاق بقوله:(إنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) الآية [النساء: ٤٠]، ثم أتى