للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ ابن عباس رضى اللَّه عنه: (فصرّهن) بضم الصاد وكسرها وتشديد الراء، من صره يصره ويصره؛ إذا جمعه، نحو ضره ويضره ويضره؛ وعنه: (فَصُرْهُنَّ) من التصرية؛ وهي الجمع أيضاً. (ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً): يريد: ثم جزئهن وفرق أجزاءهن على الجبال. والمعنى: على كل جبل من الجبال التي بحضرتك وفي أرضك. وقيل: كانت أربعة أجبل. وعن السدّي: سبعة؛ (ثُمَّ ادْعُهُنَّ) وقل لهن: تعالين بإذن اللَّه (يَاتِينَكَ سَعْياً) ساعياتٍ مسرعاتٍ في طيرانهن، أو في مشيهن على أرجلهن. فإن قلت: ما معنى أمره بضمها إلى نفسه بعد أن يأخذها؟ قلت:

ليتأملها ويعرف أشكالها وهيئاتها وحلاها؛ لئلا تلتبس عليه بعد الإحياء، ولا يتوهم أنها غير تلك؛ ولذلك قال: (يأتينك سعياً). وروي: أنه أمر بأن يذبحها، وينتف ريشها، ويقطعها، ويفرّق أجزاءها، ويخلط ريشها ودماءها ولحومها، وأن يمسك رؤوسها، ثم أمر أن يجعل بأجزائها على الجبال على كل جبل ربعاً من كل طائر، ثم يصيح بها: تعالين بإذن اللَّه. فجعل كل جزء يطير إلى الآخر حتى صارت جثثاً، ثم أقبلن فانضممن إلى رؤوسهن .......

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العنق، وقنوان: جمع قنو وهو العنقود، والدوالح: المثقلات، وكل من حمل ثقيلاً فقد دلح به.

قوله: (من التصرية) يقال: صريت الشاة تصرية: إذا لم تحلبها أياماً حتى يجتمع اللبن في ضرعها.

قوله: (ثم جزئهن وفرق أجزاءهن على الجبال) يعني دل ثم على التراخي من حيث الزمان؛ لأن بين جمع الطيور وضمها إليه وذبحها ونتف ريشها وتفريق أجزائها وتخليط بعضها مع بعض وقسمتها أربعة أقسام ثم تفريقها على الجبال زماناً ممتداً، أو (ثُمَّ) ها هنا كالفاء في قوله: (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ) [البقرة: ٦٠]، وكذا لفظ كل ها هنا كما في قوله تعالى: (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) [النمل: ٢٣]، أي: من كل شيء يليق بحالها، وإليه الإشارة بقوله: "من الجبال التي بحضرتك".

<<  <  ج: ص:  >  >>