الجار متعلق بمحذوف، والمعنى: اعمدوا الفقراء، واجعلوا ما تنفقون للفقراء كقوله تعالى:(فِي تِسْعِ آياتٍ)[النمل: ١٢]، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: صدقاتكم للفقراء، (والَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ) هم الذين أحصرهم الجهاد، (لا يَسْتَطِيعُونَ)؛ لاشتغالهم به (ضَرْباً فِي الْأَرْضِ)؛ للكسب. وقيل: هم أصحاب الصفة؛ وهم نحو من أربع مئة رجل من مهاجري قريش لم يكن لهم مساكن في المدينة ولا عشائر، فكانوا في صفة المسجد وهي سقيفته- يتعلمون القرآن بالليل ويرضخون النوى بالنهار، وكانوا يخرجون في كل سرية بعثها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فمن كان عنده فضل أتاهم به إذا أمسى. وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: وقف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يوماً على أصحاب الصفة فرأى فقرهم وجهدهم وطيب قلوبهم، فقال:«أبشروا يا أصحاب الصفة، فمن بقي من أمتي على النعت الذي أنتم عليه راضياً بما فيه فإنه من رفقائي في الجنة».
(يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ) بحالهم (أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ): مستغنين من أجل تعففهم عن المسألة. (تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ) من صفرة الوجه ورثاثة الحال. والإلحاف: الإلحاح وهو اللزوم وأن لا يفارق إلا بشيء يعطاه، من قولهم: لحفني من ....
قوله:(الجار متعلق بمحذوف)، الراغب: قيل: هو بدل البعض من قوله: (فَلأَنفُسِكُمْ) أي: أهل دينكم، فصار الفقراء بعضهم، وقيل: متعلق بقوله: (وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ) أي: ما تنفقون لهم إلا تقرباً إلى الله، فمعلوم أن من خص بنفقته هؤلاء فلم يقصد به إلا وجه الله.
قوله:(مستغنين من أجل تعففهم عن المسألة)، الراغب: العفة: حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة، والمتعفف: المتعاطي لذلك بضرب من الممارسة والقهر، وأصله