للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فأذَنُوا بِحَرْبٍ): فاعلموا بها، من أذن بالشيء؛ إذا علم به. وقرئ: (فآذنوا): فأعلموا بها غيركم، وهو من الأذن وهو الاستماع؛ لأنه من طرق العلم. وقرأ الحسن: (فأيقنوا) وهو دليل لقراءة العامّة. فإن قلت: هلا قيل: بحرب اللَّه ورسوله! قلت: كان هذا أبلغ؛ لأن المعنى: فأذنوا بنوعٍ من الحرب عظيم عند اللَّه ورسوله. وروي: أنها لما نزلت قالت ثقيف: لا يديْ لنا بحرب اللَّه ورسوله. (وَإِنْ تُبْتُمْ)، من الارتباء. (فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ) المديونين بطلب الزيادة عليها، (وَلا تُظْلَمُونَ) بالنقصان منها. فإن قلت: هذا حكمهم إن تابوا فما حكمهم لو لم يتوبوا؟ قلت: قالوا: يكون مالهم فيئاً للمسلمين. وروى المفضل عن عاصمٍ: (لا تُظْلَمون ولا تَظْلِمون).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فَاذَنُوا بِحَرْبٍ)) ساكنة الهمزة مفتوحة الذال قراءة العامة سوى حمزة وأبي بكر فإنهما قرآ ممدودة مكسورة الذال، أي: فأعلموا بها غيركم.

قوله: (لا يدي لنا)، أي: لا طاقة لنا، النهاية: ما لي بهذا الأمر يد ولا يدان، أي: لا طاقة لي به؛ لأن المباشرة والدفاع إنما يكون باليد، فكأن يديه معدومتان لعجزه عن دفعه.

قوله: (يكون مالهم فيئاً للمسلمين)، هذا إنما يصح إذا كان الخطاب مع الكفار المستحلين للربا، وهم الذين قالوا: (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا)، وليس كذلك؛ لأن الخطاب مع المؤمنين لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا) كما سبق، فحكمهم إن كانوا ذوي الشوكة حكم الفئة الباغية في أن مالهم لا يكون فيئاً، كما فعل علي رضي الله عنه، وإن لم يكونوا كذلك عزروا إلى أن يتوبوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>