وفي ذلك الافتتاح وهذا الاختتام رعاية حسن المطلع والمقطع، أما المطلع، فحسنه أن "الفاتحة" كما ترى بلغت في حسن ألفاظها وتنوق معانيها غاية من الكمال، مع تضمنها معنى ما سيق الكلام لأجله- كما سنبينه- وهو المسمى ببراعة الاستهلال.
وأما المقطع فحسنه ما آذن إلى استماع ما بدئ به، فـ "المعوذتان" مشيرتان إلى الاستعاذة، لقوله تعالى:(فَإِذَا قَرَاتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[النحل: ٩٨] على أحد الوجهين، ومن ثم قال صلوات الله عليه وسلامه حين سئل: أي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ قال:"الحال المرتحل"، قيل: وما الحال المرتحل؟ قال:"صاحب القرآن، يضرب من أول القرآن إلى آخره، كلما حل ارتحل". أخرجه الترمذي والدارمي عن ابن عباس.
فالتحميد يقتضي الاختتام بناءً على أن المجمل يقتضي تفصيله، والاستعاذة تستدعي الافتتاح، فلا انقطاع إذاً، كما قال:
فما تقف السهام على قرار … كأن الريش يطلب النصالا
قوله:(وأوحاه)، الأساس:"أوحى إليه وأومى إليه: بمعنى، ووحيت إليه وأوحيت إليه: إذا كلمته بما تخفيه عن غيره. وأوحى الله تعالى إلى أنبيائه عليهم الصلاة والسلام، (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ)[النحل: ٦٨]، ووحى وحياً: كتب".