فإن قلت: مِمَّ بني أفعلا التفضيل؟ أعني: أقسط وأقوم. قلت: يجوز على مذهب سيبويه أن يكونا مبنيين من أقسط وأقام، وأن يكون أقسط من قاسط على طريقة النسب بمعنى ذي قسط، وأقوم من قويم. وقرئ:(ولا يسأموا أن يكتبوه) بالياء فيهما. فإن قلت: ما معنى (تِجارَةً حاضِرَةً)؟ وسواء أكانت المبايعة بدينٍ أو بعينٍ فالتجارة حاضرة، وما معنى إدارتها بينهم؟ قلت: أريد بالتجارة ما يتجر فيه من الأبدال. ومعنى إدارتها بينهم: تعاطيهم إياها يداً بيد،
والمعنى: إلا أن تتبايعوا بيعاً ناجزاً يداً بيد، فلا بأس أن لا تكتبوه، لأنه لا يتوهم فيه ما يتوهم في التداين. وقرئ:(تجارة حاضرة) بالرفع على "كان" التامّة. وقيل: هي الناقصة على أنّ الاسم (تجارة حاضرة)، والخبر (تديرونها)؛ وبالنصب على: إلا أن تكون التجارة تجارة حاضرة كبيت الكتاب:
عن الحق، وقد قسط يقسط قسوطاً، قال الله تعالى:(وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً)[الجن: ١٥]. النهاية: المقسط العادل، يقال: أقسط يقسط فهو مقسط، إذا عدل، وقسط يقسط فهو قاسط: إذا جار، فكأن الهمزة في أقسط للسلب.
قوله:(على طريقة النسب) قيده به لئلا يتوهم أنه اسم فاعل من القسوط.