الراغب: إن قيل: كيف قال: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) كرر لفظة الله ثلاث مرات متواليات، وقد استكرهوا ذلك لولا شرف لفظ الله، كقول الشاعر:
فما للنوى جذ النوى قطع النوى
حتى قيل: سلط على هذا البيت شاة ترعى منه النوى، وقول الآخر:
واعلم أن التكرير المستحسن هو: كل تكرير يقع على طريق تعظيم الأمر أو تحقيره في جمل متواليات، كل جملة منها مستقلة بنفسها، والمستقبح هو أن يكون التكرير في جملة واحدة أو في جمل في معنى واحد ولم يكن فيه التعظيم والتحقير، وهذا ظاهر في الآية والبيتين، فإن قوله:(وَاتَّقُوا اللَّهَ) حث على التقوى، (وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ): تذكير بنعمته، (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ): تعظيم له عز وجل ومتضمن للوعد والوعيد، فلما قصد تعظيم كل واحد من هذه الأحكام أعيد لفظة الله، وأما البيت الثاني فهو جملة واحدة؛ لأن قوله:"كجهل السيف" نعت لقوله: "بجهل"، وكذا: والسيف مغمد: حال من قوله: كحكم السيف،