للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فنزلت؛ فقال صلى اللَّه عليه وسلم: «أردنا أمراً وأراد اللَّه أمرا، والذي أراد اللَّه خير»، ورفع القصاص. واختلف في ذلك، فقيل: لا قصاص بين الرجل وامرأته فيما دون النفس ولو شجها، ولكن يجب العقل. وقيل: لا قصاص إلا في الجرح والقتل. وأما اللطمة ونحوها فلا (قانِتاتٌ): مطيعات قائمات بما عليهنّ للأزواج، (حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ): الغيب خلاف الشهادة، أي: حافظات لمواجب الغيب إذا كان الأزواج غير شاهدين لهنّ حفظهن ما يجب عليهنّ حفظه في حال الغيبة، من الفروج والبيوت والأموال. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم: «خير النساء امرأة إن نظرت إليها سرّتك، وإن أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالها ونفسها» وتلا الآية وقيل (لِلْغَيْبِ): لأسرارهم (بِما حَفِظَ اللَّهُ): بما حفظهنّ اللَّه حين أوصى بهنّ الأزواج في كتابه وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام فقال: «استوصوا بالنساء خيراً» أو بما حفظهنّ اللَّه وعصمهنّ ووفقهنّ لحفظ الغيب، أو بما حفظهنّ حين وعدهنّ الثواب العظيم على حفظ الغيب،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لمواجب الغيب) قيل: المواجب: جمع الموجب، والمراد بـ "موجب الغيب": ما يوجبه الغيب، أي: ما يجب المحافظة عليه في حال غيبة الزوج.

قوله: (في مالها) أراد في مالك، ولما كانت هي المتصرفة فيه في حال الغيبة، وأنه مما ينفق عليها؛ كأنه مالها، نحو قوله تعالى: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ) [النساء: ٥] بعثاً لها على الحفظ، أي: ليحفظن حفظاً مثل حفظ أموالهن.

قوله: (أو بما حفظهن حين وعدهن الثواب) فسر الحفظ بوجوه ثلاث، أحدها: أنه مجاز، من إطلاق السبب على المسبب؛ لأن الظاهر أن يقال: حافظات للغيب بسبب أن الله تعالى وصى الأزواج بحفظهن رعاية لحقهن؛ فهن قضين حق تلك النعمة بحفظ غيب الأزواج، وعلى هذا يجوز أن يكون مشاكلة لقوله تعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا) [الشورى: ٤٠]، والثاني: أنه حقيقة، أي: حافظات للغيب لأن الله تعالى حفظهن من أن يقعن في الذنب

<<  <  ج: ص:  >  >>