للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ): لو يدفنون فتسوى بهم الأرض كما تسوى بالموتى، وقيل: يودّون أنهم لم يبعثوا وأنهم كانوا والأرض سواء، وقيل: تصير البهائم تراباً، فيودّون حالها.

(وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً): ولا يقدرون على كتمانه؛ لأن جوارحهم تشهد عليهم، وقيل الواو للحال، أي: يودون أن يدفنوا تحت الأرض وأنهم لا يكتمون اللَّه حديثاً. ولا يكذبون في قولهم: (واللَّهِ رَبِنَا مَا كُنَّا مُشركِينَ [الأنعام: ٢٣]؛ لأنهم إذا قالوا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (كما تسوى بالموتى). المغرب: وفي الحديث: قدم زيد بشيراً بفتح بدر حين سوينا على قرية، يعني: دفناها وسوينا تراب القبر، هذا يدل على أن الباء في (تُسَوَّى بِهِمْ) بمعنى "على"، كقوله: (وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَامَنْهُ بِدِينَارٍ) [آل عمران: ٧٥]، ويجوز أن تكون للسببية، أي: بسبب دفنهم، وعلى القولين الآخرين بمعنى "مع".

قوله: (وقيل: الواو للحال) أي: في (وَلا يَكْتُمُونَ)، وهو على الأول عطف على قوله: (لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الأَرْضُ)، قال صاحب "المرشد": الوقف على (الأَرْضُ) كاف وليس بحسن؛ لأن قوله: (وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً) داخل في التمني؛ لأن جوارحهم تنطق بما فعلوه من الشرك وسوء الأفعال، يتمنون أن الأرض لو سويت بهم، وأنهم لا يكتمون الله حديثاً؛ لأن قوله: (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ) [الأنعام: ٢٣] كذب كتمان؛ فإذا ظهر عليهم وشهدت جوارحهم ودوا أنهم لم يكذبوا ولم يكتموا الله حديثاً، فإن حمل (وَلَا يَكْتُمُونَ) على الاستئنافـ لأن ما عملوا ظاهر عند الله لا يقدرون على كتمانه ولا يكون داخلاً في التمنيـ حسن الوقف.

قوله: (ولا يكذبون) وهو عطف على قوله: (وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً) على سبيل البيان والتفسير؛ لأن المعني بالكتمان هو جحدهم شركهم؛ وذلك أدى إلى أن ختم على أفواههم وتكلمت جوارحهم بتكذيبهم فافتضحوا لذلك، وعنده تمنوا أن تسوى بهم الأرض، وأنهم لم يتفوهوا بالكذب.

<<  <  ج: ص:  >  >>