للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا تجوز مخالفتها كما لا تجوز مخالفة الكتاب والسنة؛ لأنّ اللَّه عز وعلا جمع بين اتباع سبيل غير المؤمنين وبين مشاقة الرسول في الشرط، وجعل جزاءه الوعيد الشديد، فكان اتباعهم واجباً كموالاة الرسول. (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى): نجعله والياً لما تولى من الضلال؛ بأن نخذله، ونخلي بينه وبين ما اختاره، (وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ). وقرئ:

(ونصله) بفتح النون من صلاه. وقيل: هي في طعمة وارتداده وخروجه إلى مكة.

(إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) تكرير للتأكيد، وقيل: كرّر لقصة طعمة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وعلمه أمور الدين والشرائع؛ لوقع في ورطة العنت والمشقة. وليس ما فعل هؤلاء بمتابعة لسبيل المؤمنين؛ فإن سبيلهم التفادي عن مخالفة الرسول ومشاقته، والتجانب عما يُضاد الحق والعدل؛ لكن سبيل غير المؤمنين متابعة الشيطان الذي يدعوهم إلى عبادة الأوثان؛ ولذلك عقبه بقوله تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَرِيدا} تغليظاً، أي: ما يعبدون بعبادة الأصنام إلا شيطاناً؛ لأنه هو الذي أغراهم على عبادتها فأطاعوه؛ فعلى هذا قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ} كالتذييل لقصة طعمة وقومه: فيدخل في هذا المقام كل ما فيه مُشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم ومخالفة سبيل المؤمنين بأي وجه كان.

روينا عن الترمذي، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة، ويد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار".

وأما قوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} إما تأكيد للآية السابقة في هذه السورة المعادلة لها، أو كررت لتعلقها بخاتمة قصة طعمة وأصحابه ليكون كالتكميل بذكر الوعد بعد ما ذكر الوعيد الذي ضُمن في الآيات.

الراغب: في قوله تعالى: {بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} إشارة إلى أن صغائر الأولياء أعظم

<<  <  ج: ص:  >  >>